+A
A-

"اقتصاد الظلام"..هل تنجح مصر في ترويضه بعد فشل طويل؟

"اقتصاد الظلام" أو "الاقتصاد غير الرسمي" تعاني منه مصر منذ عقود طويلة وفشلت حكومات متعاقبة في محاولة استيعابه وتحويله إلى الاقتصاد الرسمي، وتسبب ذلك في ضياع المليارات على الدولة.

ولا شك أن حجم المشكلة كبير جدا في مصر، حيث تشير التقديرات إلى أنه يمثل نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي ووفقا لدراسة أعدها اتحاد الصناعات في 2015 هناك 47 ألف مصنع "بئر سلم" لم تستخرج سجلا صناعيا و8 ملايين مواطنا يعملون في 1200 سوق عشوائية إضافة للباعة الجائلين، وتتجاوز تعاملاته السنوية الـ "2.2 تريليون" جنيه.

وفي دراسة أعدتها لجنة الضرائب باتحاد الصناعات أشارت إلى أن القطاع غير الرسمي حال ضمه إلى الاقتصاد فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى مضاعفة الرسوم والضرائب المستحقة. مشيرة إلى أن قيمة الضرائب الضائعة على الدولة طبقاً لنسب التحصيل نحو 550 مليار جنيه.

وقد أطلقت الدولة مؤخرا عدة مبادرات تستهدف ضم اقتصاد الظلام إلى الاقتصاد الرسمي، ومنها مبادرة الشمول المالي بالتعاون بين اتحاد البنوك المصرية واتحاد الصناعات ومركز المشروعات الدولية الخاصة، إضافة إلى إصدار عدة قوانين من شأنها تشجيع الاقتصاد غير الرسمي على التحول إلى اقتصاد رسمي، ومنها مشروع قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

الدكتور زياد بهاء الدين العضو المنتدب لشركة طيبة للاستشارات توقع أن يتم وضع مشروع قانون ينظم عمليات التحول للاقتصاد غير النقدي بالتعاون مع اتحاد الصناعات واتحاد البنوك على أن يتم رفعه للجهات المسؤولة عقب الانتهاء منه.

وأوضح بهاء الدين على هامش المؤتمر السنوي الثاني للتحول الاقتصاد غير النقدي أن مشروع القانون يعد أداة لتحفيز عملية التحول من النقدي إلى اللانقدي ويتيح التدرج في التطبيق، خاصة أن التعامل في مصر قائم على الكاش.

وأضاف بهاء الدين أن مشروع القانون يفتح سلطة رئيس الوزراء بعد موافقة البنك المركزي ووزارة المالية في تطبيق بنود القانون على قطاعات بعينها أو بحدود معينة.. موضحاً أن المشروع المقترح بسيط في هيكله يقوم على تصور وجود برنامج قومي يتم تطبيقه على مراحل معينة وقطاعات أو مدفوعات معينة.

أما عيسى فتحي، الخبير الاقتصادي، فيرى أن مشكلة الاقتصاد غير الرسمي أنه يقلق من زيادة الأعباء عليه ولذلك يفضل دائما وجوده في الظلام حتى لا يتحمل رسوم تراخيص أو تأمينات على العمال أو ضرائب، بل لا يرغب في التعامل مع الأجهزة الحكومية خوفاً من البيروقراطية.

وأكد أنه مطلوب تيسير الإجراءات ومنح حوافز للتحول إلى الاقتصاد الرسمي وتخفيض الرسوم حتى لا يشعر صاحب المصنع الصغير غير المسجل أن الحكومة ترغب في جباية أمواله فقط.

ويقول الدكتور إيهاب الدسوقي رئيس مركز الدراسات الاقتصادية بأكاديمية السادات للعربية.نت "لابد من قانون للمشروعات الصغيرة والمتوسطة يتضمن تيسيرات في تراخيص المشروعات مع حوافز لتسجيل المشروعات القائمة، وأن تقنع الحكومة أصحاب المشروعات أنها ليست جهة جباية".