مكافحة تمويل الإرهاب جزء لا يتجزأ من مكافحة الإرهاب، وجزء من الاستراتيجية الوطنية التي توظف كل عناصر القوة الوطنية لمكافحة الإرهاب وردع نشاطاته وتعطيلها ومنعها والتخلص من عناصره، والسياسة التشريعية أداة تتناغم مع الأدوات الأمنية والسياسية والمالية لمكافحة الإرهاب لتحقيق أهداف “الردع والوقاية والتفكيك”، فعلى سبيل المثال، إن تجميد أموال المتبرعين للجماعات الإرهابية ومصادرتها أمر يردع الإرهابيين ويعيق أنشطة المتبرعين التجارية والاستثمارية، كما أن مراقبة ومتابعة تحرك هذه الأموال بوسيلة فعالة من البداية حتى النهاية يُساعد على اقتفاء أثرها مما يجعل من تمويل الأنشطة الإرهابية والنشاطات غير المشروعة أمرًا بالغ الصعوبة.

وتعتبر الأنشطة الإرهابية من الأنشطة المُكلفة ماليًا، لذا تحتاج إلى تمويل كبير للإعداد والتنظيم والتدريب والتنقل ومصاريف تشغيلية أخرى لتأمين أنشطتها والترويج لأهدافها، ولا تستطيع الجماعات الإرهابية توفير هذه الأموال إلا عن طريق الأفراد والمؤسسات والمُنظمات والدول الراعية للإرهاب التي تتوافق أهدافهم مع أجندات الإرهابيين، وهناك تنظيمات إرهابية تتمتع بعلاقات مالية كبيرة وتمتلك أصولاً وموارد مالية متعددة، تتدفق إليها عبر النظام المالي الدولي، الأمر الذي يُسهل لها القيام بإجراء معاملات مشبوهة لتمويل أنشطتها.

ومما يزيد من خطورة تمويل الإرهاب ما أضافته التطورات التقنية من أدوات حديثة لانتقال وتحركات هذه الأموال وتحويلها للأفراد ومختلف أنواع المؤسسات التي تعمل تحت غطاء العمل الخيري والإنساني والاجتماعي والسياسي، واتخذت العديد من الدول إجراءات شديدة وصارمة ضد هؤلاء الأفراد والمنظمات، وتتغير الإجراءات كلما تغيرت وسائل إرسال الأموال للإرهابيين، وذلك بسبب تزايد الخلايا الإرهابية وتزايد تمويلها عن طريق استخدام عائدات الأنشطة غير المشروعة باختلاف عناوينها، وبعض الدول تستخدم مؤسساتها المالية والمصرفية كنافذة لإرسال الأموال للأغراض الإرهابية كجزء لا يتجزأ من سياستها الرسمية، ومنها النظام الإيراني الذي يوظف إجراءات مالية خادعة لتمويل ميليشياته وأذرعه في المنطقة العربية.

يُمثل التشريع القانوني إحدى أدوات مكافحة تمويل الإرهاب، ومن خلاله تستطيع البلاد متابعة خيوط التمويلات، وبتطبيقه سيتم الكشف عن الكثير من الأنشطة السوداء التي تمارسها القوى المُستترة من أفراد ومنظمات ودول، وهو سبيلٌ يُعزز من قدرات الأمن بمملكة البحرين وقدرتها على مواجهة سلسلة التهديدات الأمنية الداخلية والخارجية.