+A
A-

العَلَــم .. تربية وطنيّـة

صادق أحمدقد يقول كثيرون، لا داعي للحديث عن قطعة قماش ازينت بلون أو مجموعة من ألوان الطيف الشمسي؛ لأنه هناك العديد من المواضيع الأكثر أهمية والأنفع فائدة. 

إن من الأهمية بمكان، أن يأخذنا الحديث إلى ما هو أبعد من كوننا نتحدث عن "قماشة". إذ يمثل هذا العلَم بالإضافة إلى مدلولات ألوانه التي تعطي خلفية واضحة عن تاريخ وعن سنوات من التضحيات في معظم الأحيان - فإنه يمثل مدلولاً رمزياً للجماعة التي تنتمي إليه، وإلى الدولة والشعب في المفهوم الحديث. 

علَم الدولة، علامة بارزة تتمثل في إظهار روح الوطنية وتعزيزها لدى الأفراد المواطنين. المدلول الذي يميز كيان دولة عن أخرى، ويلخص حضارتها وثقافتها ومسيرتها على مر الأزمان بمجرد النظر إليه. 

وقد اتخذت الدول لأعلامها، ألواناً وأشكالاً محددة لتتميز كل دولة بعلمها بين سائر الدول الأخرى، ليمثل بذلك هوية رمزية لا يمكن تجاوزها أو تخطيها. فمكانة العلم من مكانة شعبه ورؤسائه. 

والمعروف، أن هذه الألوان والأشكال، تحمل العديد من المعاني، وخصوصاً المعاني التاريخية، في البلدان التي يعود تاريخ أعلامها لمئات السنين، ومن ضمن جملة هذه المعاني التي تحملها الأعلام: السلام والحرب والدم وأشياء أخرى. 

ولعلّ الكشافة، وهي منبتٌ لمفهوم الوطنية، تعدّ أحد أبرز الحركات الشبابية التي تؤصّل في الشبل والفتى ومن ثم باقي المراحل المتقدمة الأخرى، تؤصل وتزرع معاني الوطنية الحقة وتنمية شعور الانتماء في تثبيت أركان عقل "الشبل الناشيء" و"الفتى الشاب" إلى أهمية هذه الرمزية الكبيرة التي يحملها العلم الوطني وعلم الدولة. 

إذ يُولى العلَم في الكشافة، أهمية بالغة في تبيان معانيه لدى الكشافة، من خلال المنهاج الكشفي، وذلك بالتعريف بماهية العلم الوطني، وضرورة أن يكون شامخاً مرتفعاً خفاقاً مرفرفاً في المحافل الكشفية الوطنية، وفي بداية كل لقاء وكل اجتماع. 

وتتجلى معاني الوطنية في الكشاف، لتنتقل من مدلولها الرمزي، إلى مفهومها الواقعي والحقيقي، في الميدان، وفي السلوك والتصرفات. من منطلق ومنطق أن أفعال وأقوال الكشاف هي منارة حقيقية، لمعرفة، والتعرف على ثقافة الكشاف المواطن وبالتالي الفرد المواطن تمثلاً وتمثيلاً للدور الكبير الذي يقوم به الفرد، وانعكاسه على حياة الآخرين، في طريقة التأثر  والتأثير  التي تصب في نهاية المطاف بجعل هذا المواطن/الكشاف يقوم بدوره تجاه نفسه ومن ثم تجاه بلده وصولاً إلى تعميق وطنيته إلى أوسع وأبعد معانيها. 

إن العلَم، قطعة القماش، الراية الوطنية ... ليست سوى النوذج الذي يجب أن نرى فيه أنفسنا، مرآتنا لنجعل من تصرفاتنا ترجمة لمعاني الدفاع عنه، عن طريق الولاء للأرض المعطاءة، بما تحمل من إرث تاريخي نفتخر به، وكذلك من أجل المساهمة والمشاركة في رفعة اسم الوطن عالياً في جميع الميادين.     

لم تكن الحركة الكشفية، لتُغفل الدور الذي تقوم به؛ لأنها لم تنسَ أن تخطط وترسم مبادئها بنظرة ثاقبة مُمعنة النظر إلى البعيد، وهي تحتضن الأطفال "العصافير والبراعم والأشبال" لتعلمهم وتأخذ بأيديهم خطوة بخطوة ليكونوا مثالاً لطفل وطني، ومن ثم لقائد وطني في المستقبل، يساعد في نهضة الشباب بما اكتسبه من مهارات ومن معارف لينقلها بذلك للآخرين.