العدد 3412
الجمعة 16 فبراير 2018
banner
الغوث... الغوث
الجمعة 16 فبراير 2018

إذ تعلن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عدم قدرتها على الوفاء بتشغيل مكتبتي البحرين في غزة، فإنّ الأمر يتعدى المكتبتين إلى المزيد من الإغلاق والتعليق والوقف المؤقت والدائم للعديد من المشاريع التي ينتفع منها الشعب الفلسطيني، إذ ليس جديدا إعلان الكثير من الدول الأوروبية “المانحة” أنها بدأت تتململ من طول الصراع الوجودي مع الكيان المحتل، ولامتداد السنوات التي موّل فيها الجانب الفلسطيني ليصمد ويستمر في العيش الكريم عند حدوده الدنيا المعقولة.

بحسب التقارير الإخبارية فإن تجميد الولايات المتحدة نصف حصتها في تمويل الوكالة الأممية البالغة 65 مليون دولار، أدى إلى تعطيش الكثير من المشاريع التي كانت بالكاد تمشي يوماً ما، والآن أصابها الموت بعد أن حجزت عنها المياه بشكل كامل.

إن الموقف الأوروبي الذي سبق التصريح به لأول مرّة (بحسب علمي) في النصف الأول من العشرية الماضية، أي ربما في العام 2003 أو 2004، والموقف “اللوفري” الأميركي اليوم الذي قد يربط بالتصويت في الأمم المتحدة على قرار الولايات المتحدة اتخاذ القدس عاصمة للكيان المحتل، القصد منهما المساومة الرخيصة والبذيئة على حقوق الشعب الفلسطيني، في معادلة الدولار مقابل الإذلال، فالدول الأوروبية التي تراقب بدّقة أين تذهب أموالها ومساعداتها، وجدت أن رواتب العاملين في الهيئة نفسها تستنزف الجزء الأكبر من المساعدات، بينما ما يصل إلى المحتاجين ليس بالحجم الكثير، ولكن هذه هي التركيبة، وليس لهذا الأمر وحسب، ولكن كلما لاح في الأفق أحد الحلول السياسية التي يمكن أن تنهي الصراع إما مؤقتاً أو إلى الأبد، يحدث ما يؤزّم الموقف، ويطوّح بالحلّ بعيداً، وتبدأ مسألة تركيب قطع الليغو من جديد، ونكتشف أنّ بعضاً منها ضائع، وهكذا في كل مرة: البداية من الصفر أو تحته بعض الشيء، مما جعل مروحة اليأس لا تتوقف عن الدوران منذ العام 1950 حيث أنشئت “الوكالة” وإلى اليوم.

صحيح أنّ دول مجلس التعاون تسهم في تمويل هذه الوكالة التي يقتصر عملها على الفلسطينيين وحدهم في الداخل والخارج، ولكن من غير الصحيح أن ترفع الكثير من الدول العربية يديها عن الدعم، تحت حجج مختلفة، فليس صحيحا ألا تستطيع دول عربية كثيرة المساهمة في هذا الجانب باقتطاع بعض من نفقاتها التي تذهب هباء على أمور تنتهي مددها، وتموت في مخازنها، بينما نترك الفلسطينيين نهباً للقرار الأميركي متى ما شاء منح ومتى ما شاء منع، وليس صحيحاً أن يقوم الآخرون بما نحن ملزومون بشتّى أنواع الروابط أن نقوم به، ونعود للوم الأغراب عن تخليهم عن أناس نحن أولى القيام بحقّهم وأوجب.

من حق الدول الأوروبية والأميركية أن تتخلى عن المساعدات، تقللها، أو توقفها إن شاءت، فلا سبيل لنا عليهم، فماذا نحن فاعلون.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .