+A
A-

"عصابات" أهل الحق.. رعب مسلح في شوارع بغداد

انتهت الحرب على "داعش" عسكريا في العراق، إلا بوابة حرب جديدة كان الجميع يخشاها ويحذر منها، فتحت على مصراعيها، بعد أن تحول العديد من مسلحي ميليشيات الحشد الشعبي إلى عصابات خطف وابتزاز وسطو مسلح.

حي الحرية في بغداد، الحي العريق بقدمه وتاريخه بات أخطر أحياء العاصمة، وأكثرها تسجيلا لحوادث السطو المسلح في وضح النهار، بفعل انتشار عناصر ميليشيات "عصائب أهل الحق" هناك، المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي.

و"عصائب أهل الحق" ليست الميليشيات الوحيدة في حي الحرية، لكن مسلحيها الأكثر سطوة هناك.

وبفعل الأجواء الطاردة للسكان في الحي، انخفضت أسعار العقارات هناك إلى أكثر من النصف، فيما تشهد الحياة التجارية فيه ما يشبه الشلل، رغم زوال خطر الإرهاب.

ويقول عماد الصافي، أحد سماسرة العقارات في حي الحرية، إن سعر المتر المربع للعقار في هذا الحي بلغ 900 ألف دينار بعد أن كان قبل عامين مليوني دينار، ومع ذلك، يتابع الصافي، فإن عمليات البيع والشراء شبه متوقفة.

ويضيف لـ"سكاي نيوز عربية": "لا يجرؤ سمسار على إتمام صفقة بيع أو شراء بيت أو أرض سكنية، إلا وتسارع عصابات الابتزاز إلى تهديده أو حتى خطفه، لتكون لهم نسبة من الصفقة".

ويقول الصافي إن سماسرة الحي يتعرضون لعمليات ابتزاز، ويخضعون لتهديد عصابات الميليشيات العائدة من القتال لإجبارهم على دفع مبالغ مالية تصل إلى ملايين الدنانير، ويضطر السماسرة، بعد التوصل لاتفاق مع العصابات في الحي عبر وسطاء، إلى دفع إتاوات شهرية لحفظ أرواحهم.

 

شهادات سكان الحي

وبعد أن عقد سماسرة الحي اتفاق دفع الإتاوة، حذا أصحاب محال الصرافة حذوهم، فباتت بحسب علي الشحماني، وهو أحد سكان الحي، عصابات الابتزاز تنشر مسلحين للمراقبة أمام محال الصرافة لتعطي إشعارا لأفراد العصابة المتوارية عن الأنظار، عند قيام أي شخص بدخول المحال لاستبدال العملة، لتتم متابعته والانقضاض عليه وسرقة أمواله.

ويروي الشحماني حادثة وقعت مؤخرا، عندما هاجمت عصابة سطو مسلح سيارة عائلة مكونة من زوج وزوجة وابنهما حال ابتعادها عن أحد محال الصرافة بعد استبدال ما قيمته 6 آلاف دولار.

ويضيف الشحماني: "بادر أفراد العصابة الملثمون بضرب الأب بقبضات المسدسات التي يحملونها ليطرحوه أرضا مضرجا بدمائه، ومن ثم توجيه فوهات المسدسات صوب رأس الطفل الصغير لإجبار والدته على تسليمهم الدولارات، وبالفعل حدث ما يريدون".

ويقول الشحماني: "في هذه الأثناء خرج سكان الحي على صراخ الزوجة ليبادر أحد الشباب ممن تعاطف مع الفاجعة، بإطلاق أعيرة نارية من سلاحه الشخصي باتجاه سيارة أفراد العصابة مجبرا إياها على الهرب برفقة الأموال وترك العائلة بسلام".

ولم تكن هذه نهاية القصة، إذ عادت عصابة الابتزاز، حسب الشحماني، لتفجر عبوة ناسفة أمام منزل الشاب الذي دافع عن العائلة، لتبعث برسالة لسكان الحي أن من يعترضها مجددا سيواجه إما القتل أو العبوات الناسفة.

أما أبو كاظم، الرجل السبعيني الساكن منذ الطفولة في حي الحرية، فيقول: "كنا نعرف ونلمس الواقع الذي نعيشه، ونخشى نهاية الحرب لأننا على يقين من أن انتشار الميليشيات في حينا سيتحول إلى كابوس، إذ لا يمكننا اللجوء إلى الشرطة أو القانون رغم أننا نعرف أفراد عصابات السطو المسلح".

ويضيف: "ما كنا نخشاه حصل من وراء تشكيل مجاميع الحشد الشعبي، وكنا على يقين أن سلاحها سيمثل تهديدا للأحياء الشيعية أكثر من غيرها بعد نهاية الحرب على داعش".