العدد 3414
الأحد 18 فبراير 2018
banner
360 درجة أيمن همام
أيمن همام
رقيب عتيد
الأحد 18 فبراير 2018

بسبب تعليقات مضى عليها عامان بمواقع التواصل الاجتماعي، اعتبرها البعض مسيئة، انسحبت الشابة الفرنسية المسلمة منال ابتسام ذات الأصول السورية من النسخة الفرنسية من برنامج المسابقات الغنائية “ذا فويس” بعدما أبهرت لجنة الحكام والجمهور بصوتها العذب وأدائها الأخَّاذ.

وقبل شهر، انسحبت الشابة المحجبة أمينة خان، التي أصبحت وجها إعلانيا لإحدى شركات التجميل المعروفة، من حملة إعلانية للشركة، بعد اكتشاف تغريدات نشرتها في “تويتر” العام 2014، اعتبرت “مناهضة لإسرائيل”.

يلجأ البعض إلى نبش ماضي أي يشخص يقتحم عالم الشهرة والأضواء لدوافع مختلفة، كالعداوة والبغضاء، أو الغيرة والحسد، أو لتشويه صورته؛ بغرض ترجيح كفة منافسيه، وهذا يتكرر باستمرار بين المرشحين للمناصب العامة، إذ يوجد دائما من يقلب في صفحات الماضي بحثا عن أي هفوة أو سقطة يمكن أن تكون كفيلة بخروج الخصم من الباب الضيق لساحة المنافسة.

مع انفجار بركان التواصل الاجتماعي مطلع الألفية الجديدة، أصبح نبش الماضي سهلا، إذ تكفي كتابة اسم الشخص المستهدف بالهجاء الصحيح في حقل البحث؛ لمعرفة مواقفه وآرائه في أي قضية عامة، وتسليط الضوء على ما يمكن أن يؤخذ منها ضده، وقد يتطلب الأمر إضافة بهارات التأويل والتهويل وإساءة التفسير.

من الوارد جدا أن يكون الشخص المستهدف مظلوما، لكن الدفاع عن النفس، في معظم الأحيان، لا يفيد بعد وقوع الضرر، كما أن إنكار ما قيل فعلا لن يزيد الطين إلا بلة؛ لأن كل كلمة أصبحت مسجلة ومحفوظة في سحب إلكترونية منشرة، يمكن للإنسان العادي سبر أغوارها، ناهيك عن المتخصصين في نفض غبار الكتمان، وكشف المستور من الأفعال والأقوال.

وسائل التواصل الاجتماعي تضعنا الآن أمام معادلة جديدة، فذاكرة الكمبيوتر التي لا تعرف النسيان يمكن أن تكون شاهدة علينا في محاكم البشر؛ لذلك فإن من يسيء التصرف في وسيلة تواصل سيجد، ولو بعض حين، وثيقة إدانته حاضرة لا يخطئها خبير، ولا يدحضها تبرير.

تجربة الشابتين ابتسام وخان ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وما حدث معهما يمكن أن يتكرر مع أي إنسان باحث عن موطئ قدم بين الكبار، فرغم أنهما عبرتا عن رأيهما بصدق وإخلاص، إلا أنهما وقعتا فريستين سهلتين للمتصيدين.

من مثل هذه القصص يجب أن يأخذ مستخدمو التواصل الاجتماعي العبرة، فيختاروا كلماتهم بعناية بعيدا عن الانفعال والعصبية؛ لأنهم لا يهمسون في غرف موصدة أبوابها، بل يتحدثون في فضاء مفتوح ما تكتب فيه من كلمة إلا لديها رقيب عتيد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .