العدد 3414
الأحد 18 فبراير 2018
banner
مجلس الرئيس... التواصل الاجتماعي في خطر
الأحد 18 فبراير 2018

لا أحد يشك في أن التواصل الاجتماعي، سُنة حميدة، يُجلها المجتمع المسلم المتحاب، أواصر لابد  أن تتصل، وشائج من المفترض لها أن تحكم الوطن الواحد، وأفراده المتحابين.

لا وجود للكراهية في أمة تسعى للنهوض، أو لشعوب تمضي في طريق الخير والبناء، المشكلة أن تواصلنا الاجتماعي أصبح في خطر، وأن ارتباطنا بعاداتنا وتقاليدنا قد يتعرض للطعن في الظهر، والعدوان من خلف ستار.

المشكلة ليست التواصل، وليست في الترابط، وليست في الانسجام والتحاب والتآلف، إنه على مر السنين يزيد الوطن قوة، والمواطن جسارة ولحمة، لكن فيما يسمى حديثًا بأدواته “الدجيتال” العابرة، لمخالبه السامة “المحمولة” على عواتق الشباب و “الشياب”، إنه التواصل غير الاجتماعي عبر الإلكترونيات، هو معول الهدم في أي مجتمع، ونذير شؤم لأي وطن، ودليل تراجع في أية أمة.

بهذه الكلمات وأكثر منها وأعمق بدأ رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه مجلسه العامر يوم الأحد الماضي. كان الحضور كثيفًا، والقضايا المجتمعية، والمحافل الاقتصادية أكثر من حاضرة، سموه يطلقها صراحة: احذروا من تلك الأدوات المسماة بالتواصل الاجتماعي، إنها تسيء إلى تواصلنا الاجتماعي؛ لأنها تهدم ولا تبني، تبدد ولا تصون، تزرع الأحقاد، وتؤُلب النفوس، وتنشر الفوضى، وترسخ الفتن.

هذا ما يحدث وللأسف الشديد، وهو ما ترفضه أخلاق مجتمعنا العريق، وتلفظه آداب ممارساته التليدة، لقد انطلقت خصالنا العربية الأصيلة وتجذرت عاداته وتقاليده الحميدة، من دون فضاء إلكتروني يختفي في ثناياه المغرضون، ومن دون ساحات دردشة ظلامية تحاول السيطرة على العقل البحريني المعتدل، وتسعى للنيل من طريقته المتزنة والمحافظة في العيش والتعايش والحياة .

لقد انحرف نفر موتورون داخل شبكات التواصل “غير الاجتماعي”، بإطلاق شائعات مغرضة بحق أطراف أخرى، وسمح التوارى خلف الأسماء المستعارة المدججة بها صفحات “التويتر و “الفيسبوك” وغيرها، بأن يختفي المجرم خلف جريمته، والمغرض بعيدًا عن أدلة فعلته، لذلك لا يمكن أن نترك هكذا ساحات الخلاء الافتراضي لمغامرات الموتورين، ولا يصح ولا يستقيم أن نسلم رايات المسؤولية الأخلاقية لعبث القلة الفاسدين.

سمو رئيس الوزراء أطلق التحذير، وسموه أغدق في الشرح والتحليل لأهمية وجلال التواصل بين أفراد المجتمع الواحد، لكن في ذات الوقت كان رافضًا بحكمة أهل الخبرة وحنكة أخلاقهم السامية لجميع أشكال التخفي في مجهول الأدوات الحديثة الحاملة للكراهية والضغينة، عاقدًا العزم على وضع الضوابط الكفيلة بحماية المجتمع من الدسائس والمكائد والشائعات.

إن مملكة البحرين خُلقت هكذا، عزيزة، مسالمة، قوية مقاومة، أمينة مثابرة، لا مكان فيها للمغرضين، ولا فضاء لديها للمارقين المتآمرين، فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .