العدد 3415
الإثنين 19 فبراير 2018
banner
سمية الغريب وصناعة الأمل
الإثنين 19 فبراير 2018

من يبسطون أياديهم، وأوقاتهم، وحياتهم، لغيرهم، هم من يصنعون الاختلاف، ويغيرون مجرى التاريخ، فحضورهم صاخب، ورحيلهم صاخب أيضًا، كذلك تقول الحكايات، والأقصوصات، التي تخلد من يترك الأثر، وتطوي صفحات غيره.

قبل أيام معدودة، فجعت البحرين بوفاة ابنتها البارة، طبيبة أمراض الكلى الدكتورة سمية محمد الغريب بحادث سير مؤسف بالسعودية، وجاء هذا الرحيل المباغت، بعد سنين طويلة أفنتها الراحلة وهي تصارع مع مرضى الكلى يومياتهم المرهقة؛ لتصنع معهم الأمل، والتغيير، والتمسك بالأماني، وبالأيام الجميلة.

ولأنها مختلفة، كان رحيلها ذا ضجيج، فغرقت مواقع التواصل الاجتماعي، والصحف، والمجالس، بعبارات الرثاء، وبمقولات التأثير، لتلك الطبيبة المبتسمة دائمًا، والتي مهرت بزراعة الابتسامة لغيرها، وحفزتهم بالثبات على الأقدام.

وتقول الراحلة في إحدى كتاباتها «لا للتكسب المادي من آلام الناس، ومعاناتهم. بيع الكلى، أو أي عضو بشري آخر، عمل غير أخلاقي، يرفضه الوجدان العام، مهما كانت دوافعه. أدعو لسن قوانين تنظم عملية التبرع بالأعضاء».

وتقول في موضع آخر «تبرع بأعضائك بعد موتك، لتهب الحياة للآخرين».

ورثتها صديقتها الدكتورة كوثر العيد بتأثر شديد، إذ نشرت بحسابها بالإنستغرام مجموعة من النصائح الطبية للراحلة، تجاوب معها كثيرون، في حين قال زميلها الدكتور محمد الدرازي «عندما ترتقي بأخلاقك، وحوارك، ونقاشك، وتعاملك، فإنك تخبر العالم من حولك أنك تلقيت تربية عظيمة، من دون أن تتكلم، وقد يكون هذا سببا للدعاء لوالديك».

انتقلت روح سمية إلى بارئها وهي تتنقل ما بين البحرين والسعودية لتتابع حال مرضاها، وبرسالة سامية عظيمة، لكن وجع الفقد، وألم الفراق، لزيمه أن يندثر، فصناع الأمل، والتغيير، هم الباقون بالذاكرة، مخلدون دائمًا، بحروف من ذهب، فرحمها الله وغفر لها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .