العدد 3416
الثلاثاء 20 فبراير 2018
banner
السلك القضائي والدور التربوي
الثلاثاء 20 فبراير 2018

في قرار تربوي بالدرجة الأولى، حكمت القاضية اللبنانية المسيحية “جوسلين متى”، على ثلاثة شباب مسلمين بحفظ سورة “آل عمران” وذلك بعد اتهامهم بسب السيدة مريم العذراء، وبالفعل قام الشباب بحفظ السورة وقاموا بتلاوتها على القاضية التي أطلقت سراحهم فور تأكدها من حفظ الشباب السورة.

لا يخفى على أحد مدى الانحدار الأخلاقي الذي تشهده كثير من المجتمعات، وتراجع منظومة القيم وعدم وجود روادع كافية تحول دون التجرؤ أو حتى الإساءة للأديان، وهو ما يعرض المجتمع كله للخطر في أمنه واقتصاده وثقافته.

ويخطئ من يظن أن التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة يقع على عاتق مؤسسة أو جهة معينة، بل هو مهمة قومية شاملة يجب أن يساهم فيها كل من يستطيع المساهمة سواء بقانون يصدر أو مقال يكتب أو رأي يقال أو مؤسسة تنشأ، لنسترجع القيم التي باتت بعيدة عن الأجيال الجديدة ممن لا ينظرون إليها نظرة الاحترام الواجبة.

الإساءة إلى السيدة مريم العذراء غاية في الخطورة، وكانت يمكن أن تشعل صراعا اجتماعيا دمويا، إلا أن القاضية “جوسلين متى” قدمت درسًا مهما في الوطنية الحقيقية والحفاظ على وحدة المجتمع وتلاحمه والفهم الحقيقي للأديان والتعايش فيما بينها والحرص على قيم المجتمع وكيفية مواجهة الخارجين بأسلوب ناصح وعقلاني وهادئ بعيدا عن التشنج والعصبية.

كان من الطبيعي أن يحظى هذا الحكم بترحيب واسع النطاق في الساحة اللبنانية وأن يختفي مثيرو الفتنة ومن يرغبون في تسخين وتهييج مثل هذه القضايا الحساسة في جذب المزيد من المشاهدين لقنواتهم التلفزيونية وأن يخمد كل من لا يريد الخير للمجتمع، وهم أناس وصنوف لا تخلو منها كل المجتمعات وتحتاج هي نفسها إلى قرارات من نوعية قرارات القاضية جوسلين متى، فقد وجَّه رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الشكر للقاضية متى، واصفا الحكم بأنه قمة في العدالة وتعليم المفاهيم المشتركة بين المسلمين والمسيحيين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .