العدد 3426
الجمعة 02 مارس 2018
banner
حسابات الغوطة المتغيّرة (1)
الجمعة 02 مارس 2018

أساء هنري فورد، السفير الأميركي السابق في دمشق، الحكم على الأمور الراهنة في سوريا عندما حضّ (مواربة) أهل الغوطة الشرقية على الاستسلام باعتبار أن أحداً لن يهبّ إلى مساعدتهم، وتجنيبهم مصير نظرائهم في شرق حلب!
وربّما يكون مأخوذاً، مثلنا بطغيان العربدة الاستباحية على أداء الآلة الحربية لجماعة “المحور” الروسي – الإيراني وعدم تورّع هؤلاء عن الفتك الضاري بكل قيمة بشرية وأخلاقية، وافتراضهم أن الفرصة سانحة لإكمال قضم وهضم مناطق المعارضة وبيئتها طالما أنّ مطوّلات الإدانة لا تتوازن مع ثقل الصواريخ وهدير الدبابات، وطالما أنّ المعادلة الراسية “والظالمة” هي أنّ كمشة من البارود توازي أطناناً من الحق! وطالما أنّ “المجتمع الدولي” عاجز بقرار ذاتي، عن أنسنة مصالحه السياسية وعن التدخل لوقف مذبحة يرتكبها وحوش في حق مدنيّين، في الربع الأول من الألفية الثالثة... وعلى الهواء مباشرةً!
لكن في هذه الصورة بعض مقوّمات الاستدراك والجدل، وهو ما لم يلحظه سفير باراك أوباما السابق في دمشق، أو ربما، على ما يتّهمه بعض الثقات في المعارضة، يلحظ وينكر! ويعرف ويدّعي العكس، طالما أنّه شاهد حصيف على خطايا ارتكبتها الإدارة الأوبامية في حق سوريا وأهلها تبعاً لسياستها “الإيرانية” وحساباتها الانتهازية، وغدرها بمنظومة “حقوق الإنسان” التي لطالما كانت أحد الأعمدة الحاملة لآلية صنع القرار الخارجي، في الدول الديمقراطية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية! مع التشديد على الاستدراك المتعلّق بإسرائيل وممارساتها وطبيعتها أصلاً!
ما تُفصح عنه المواقف الأميركية والأوروبية في اليومين الماضيين، يفيد بأنّ الدنيا ليست على تلك القتامةِ والسواد والعَدَمية! وأن الفظاعات المُسجّلة في تفاصيل نكبة الغوطة الشرقية وأهلها “حرّكت” شيئاً ما عند القادرين على لجم ما يحصل، ودفعت إلى بعض المستجدات، والتهديدات! وأن ذلك وحده هو الذي “أقنع” موسكو بكبح جماح آلتها التدميرية والضغط على حليفها الإيراني للقبول بالهدنة المؤقّتة. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .