العدد 3427
السبت 03 مارس 2018
banner
القدس والسفارة... السماء لن تسقط فوق الرؤوس (1)
السبت 03 مارس 2018

بعد توقعات أشارت إلى أن تنفيذ قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها قد يستغرق ثلاث سنوات، وبعد تصريحات رسمية أميركية تحدثت عن إمكانية نقل السفارة في نهاية العام الحالي، أعلنت الولايات المتحدة رسمياً أنه سيتم نقل السفارة إلى القدس في مايو المقبل! وأوضح مسؤول أميركي أن نقل السفارة “سيتزامن مع الذكرى السبعين” لقيام إسرائيل، أي ذكرى النكبة!

تبدو إدارة ترامب في عجلة من أمرها لجعل قرارها أمراً واقعاً حتى أنها لم تنتظر لبناء مقر جديد للسفارة كما كان معروفاً، بل اتخذت قراراً! بنقل السفارة إلى مقر مؤقت كمرحلة أولى تشمل انتقال السفير وفريق عمل صغير!

قوبل الإعلان الأميركي ـ كما هو متوقع ـ بغضب فلسطيني جديد، وتأكيدات متكررة تشير إلى حجم اليأس الفلسطيني من مستقبل عملية السلام في ظل المعطيات الراهنة، ولكن الواضح أن الموقف الفلسطيني والعربي لم يعد يمتلك بدائل وحلولا في التعاطي مع القرار الأميركي، ويفترض أن يعترف الجميع بذلك ليس بداعي الاستسلام ولكن من منطلق ضرورة البحث عن مخارج وحلول جديدة والتفكير بعيداً عن دوامة التفكير وردود الأفعال التقليدية، التي لابد أن يقر الجميع بأنها لا تلقى آذاناً صاغية من جانب البيت الأبيض.

راهن الجميع على موقف دولي جماعي يستطيع الضغط على الرئيس ترامب للتخلي عن قراره بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، أو تجميد هذا القرار، وتابعنا جميعاً كم التحليلات والمقالات التي نشرت لتبشر العرب والفلسطينيين بأن قرار الرئيس ترامب كان مجرد تنفيذ لوعد قطعه على نفسه خلال الحملة الانتخابية وليست له أية أبعاد أخرى على أرض الواقع، أي أنه “حبر على ورق”، كما نقول في حديثنا الدارج، ولكن كل هذه التفسيرات والتأويلات تجاهلت تماماً طبيعة الرئيس ترامب وشخصيته وشبكة علاقاته مع الشخصيات المؤثرة في قراراته ومواقفه كما تجاهلت بيئة صنع القرار واتجاهات المصالح الاستراتيجية الأميركية خلال المدى المنظور.

يصعب فهم القرار الأميركي بمعزل عما يحدث في إسرائيل ذاتها، فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعاني أزمة عميقة تتعلق باتهامه بالفساد مع احتمالية عالية لإقصائه من منصبه، ويريد حشد أكبر كم من الضغوط الداخلية من أجل وقف هذه الاتهامات واحتواء تداعياتها، لذا فهو يبادر هذه الأيام لاستغلال أي حدث من أجل تعزيز شعبيته، والتأكيد على أنه الزعيم المنقذ للشعب الإسرائيلي، واعتبر أن إعلان واشنطن نقل سفارتها إلى القدس في مايو المقبل “بمنزلة يوم عظيم لشعب إسرائيل” وهي العبارة ذاتها تقريباً التي قالها حين أعلن عن صفقة الغاز الموقعة مع شركة مصرية. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية