العدد 3428
الأحد 04 مارس 2018
banner
مجلس الرئيس... فضاء التمزق الإلكتروني
الأحد 04 مارس 2018

للأسبوع الثالث على التوالي يعرج رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله ورعاه إلى الإرهاب الإلكتروني الذي تبثه أدوات التواصل “غير الاجتماعي”.

في مجلسه العامر يوم الأحد الماضي يصف سموه هذه الأدوات بأنها أذرع للمؤامرة الكبرى التي تتعرض لها الأمة، وأن زرع الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد يعد بمثابة الذراع القوي الذي يتم من خلاله تمزيق الترابط المجتمعي وتجريف الوعي الوطني، وأن سلاسل الضغينة التي يزرعها الترهيب العابر للفضاء الرقمي من شأنه أن يشكك الأجيال المتعاقبة في قيمها المتوارثة عبر العقود والأزمنة، ويزلزل من تحت أقدامها الأرض الصلبة التي بنى عليها الآباء والأجداد عاداتهم وتقاليدهم.

إن المرور المتعمق من الأب الرئيس على هذه الآفة المسماة بأدوات التواصل الشيطاني لأكثر من مرة يعني أن سموه لن يترك الخلاء التكنولوجي لكل من هب ودب لكي يعيث في الأرض فسادًا، ويضرب في الصميم من المعتقد أساسيات بناء المجتمع البحريني الواحد، لذلك فإنه حفظه الله ورعاه لم يترك شاردة ولا واردة، كي ينفذ منها شيطان الوقيعة بين أبناءنا الأعزاء، ولا ثقب إبرة كي ينطلق منها أشرار “الدردشة” الإلكترونية كي يبثون بلغة النميمة المرفوضة أسوأ أخلاقيات مرت بها أمتنا منذ عصور التنوير الأولى.

لقد استخدم العالم أدوات التواصل الإلكترونية لتعميق صلات المحبة والإخاء، لنشر روح الألفة والتسامح بين الشعوب، لنقل علوم المعرفة والتواصل عبر المناطق والحضارات، لكن ما يحدث لدينا خلال الآونة الأخيرة والذي يعتمد على قاعدة “فرق تسد” التي زرعتها الأرواح الشريرة في بعض النفوس المريضة إنما يؤسس لمجتمع مارق لا يؤمن بالثوابت ولا يحترم المقدسات، ولا يفي بالبديهيات.

إن التصريح وليس التلميح بضرورة وقف هذه المهزلة الإلكترونية، يعني في المقام الأول أن قيادتنا واعية تمامًا لمخاطر الانجرار خلف أساليب الإثارة المدعومة بنوايا خبيثة، والمحشوة بإرهاصات مغرضة، لذلك أكد سمو رئيس الوزراء أن التعذير وليس مجرد التحذير من فضاء الفتنة والانتقام يأتي من الأهمية بما كان ضمن آليات ضبطية وانضباطية دقيقة لا تسمح مجددًا بانتشار فوضى التعاطي مع الحرية المطلقة لأدوات التواصل الاجتماعي بشكلها الراهن وبأساليبها السائدة.

إن المجتمعات التي سبقتنا في التعاطي مع أكوان الفضاءات الفسيحة، والطريقة التي ابتكرتها في سبيل تحقيق أكبر استفادة تنويرية منها، يجعلنا نخجل من أنفسنا وبعضنا يتعامل بهذه الكيفيات مع فوضى لا تحكمها أخلاق، ومع عصبية لا تسندها مرجعيات على أنها فرصة ذهبية للتخفي وراء تقليعة غير مرئية وليكن ما يكون.

عين الله بصيرة، وعيون قيادتنا ساهرة، و.. “يمكرون ويُمكر الله والله خير الماكرين”.

صدق الله العظيم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية