العدد 3430
الثلاثاء 06 مارس 2018
banner
إعمار سوريا وسياسة رد الجميل (2)
الثلاثاء 06 مارس 2018

تابعنا في المقال السابق الموقف الروسي من عملية إعمار سوريا، وكيف أنه يقوم على فرض سياسة رد الجميل لها بأن يكون للشركات الروسية الأولوية في هذه العملية المربحة لها ولاقتصادها بعد أن “ضحت” بوقتها وسلاحها وطائراتها وجنودها لإنقاذ الأسد وتثبيت حكمه وتدمير المناطق السورية التي يعيش عليها “أعداؤه” من أبناء الشعب السوري.

مقابل هذا الوضوح الروسي “الذي يتشابه أيضا مع الموقف الإيراني كما بينا في مقال سابق” ورغبة موسكو الجامحة في احكتار مكاسب إعادة الإعمار دون أن تتحمل هي التكلفة، إنما تريد توزيعها على الآخرين، نجد التردد والهروب الغربي من تحمل تكلفة هذه العملية على اعتبار أن روسيا هي من قادت عملية الحرب والإبادة ضد “معارضي” الأسد وحولت دفة القتال لصالحه بعد أن كان على وشك الهزيمة ومن ثم فعليها أن تتحمل هذه الكلفة وتقوم بواجبها قبل أن تنظر لما تجنيه من مكاسب دون تحمل أية أعباء.

أميركا تقود هذا الاتجاه الرافض لدعم موسكو في أن تجعل من عملية إعادة الإعمار في سوريا حقا حصريا لها لتجني مكاسب اقتصادية واستثمارية بعد أن جنت مكاسب استراتيجية من تدخلها العسكري.

وبنفس الوضوح الروسي، تحدث وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في خطاب له بجامعة ستانفورد، مؤكدا أنه يعتزم إقناع الدول الأخرى بالامتناع عن أية علاقات اقتصادية مع دمشق، وذلك من أجل إزاحة الأسد من السلطة من خلال عملية تحت رعاية الأمم المتحدة، وعندها يمكن لواشنطن أن تساهم في إعمار سوريا وتساعد في تطبيع العلاقات الاقتصادية بين سوريا والدول الأخرى.

ورغم هذا الموقف العام، إلا أنه يظل مرشحًا للتغير والتفكك في ظل مصالح بعض الدول الأوروبية، ومن بينها فرنسا التي تتمتع بعلاقات خاصة مع سوريا مستعمرتها السابقة، وكذلك ألمانيا التي ترى في إعمار سوريا إنقاذا لها من أزمة اللاجئين الناتجة عن الحرب والقتال.

هناك بعض المواقف السورية الحالمة بأن تتمكن سوريا الأسد من إتمام الإعمار اعتمادا على قدراتها، حيث أكد مركز دمشق للأبحاث والدراسات “مداد”، في دراسة حديثة له أن الموارد الداخلية كالإيرادات العامة للدولة، والاقتراض الداخلي، والمصادر الخارجية كالاقتراض الخارجي والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأموال السوريين في الخارج قادرة على تغطية جزء كبير من إعمار سوريا!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .