العدد 3434
السبت 10 مارس 2018
banner
قبول الآخر
السبت 10 مارس 2018

مفهوم التعايش، أو قبول الآخر، حسب علماء الاجتماع يعني قبول رأي وسلوك الآخر القائم على مبدأ الاختلاف واحترام حرية الآخر وطرق تفكيره وسلوكه وآرائه بمختلف اتجاهاتها، أي أنه وجود مشترك لفئتين مختلفتين، وهذا يتعارض مع مفهوم الأحادية والقهر والعنف. إنّ الاختلاف حقيقة كونية بين بني البشر وسيبقى سمة تحكم العلاقات بينهم، فهل من الأجدى الاحتكام إلى لغة القوة لحسم النزاعات أم لا مفر من التعايش والحوار بمختلف أشكاله لحل أي خلاف بوصفه الجسر الذي يؤدي إلى ضفة السلام والوئام.

المرسوم الملكي بإنشاء مركز الملك حمد للتعايش السلمي يمثل ضرورة لتجذير الوعي بأهمية التعايش كحتمية حضارية ولما ينطوي عليه التعايش من أبعاد تربوية ومجتمعية. ولتعميق هذا المفهوم في الواقع الاجتماعي يؤكد علماء النفس أنه لابدّ أن يتربى الصغار على قبول الآخر منذ السنوات الأولى من أعمارهم وبالأخص في المؤسسات التربوية التي يتلقون فيها السلوك التربوي كالمدرسة والأسرة، ولعل أهم ما يجب أن يترسخ في ذهنية الطفل أنّ قبول الآخر، أيا كانت انتماءاته الفكرية أو الدينية أو الثقافية، إضافة إلى تعويد الأطفال التعامل مع الحياة بوصفها ذات اتجاهات متعددة ورؤى متباينة وبالتالي لا يجب الحكم عليها من زاوية واحدة بل من زوايا متعددة.

وأستحضر هنا ما دار في ندوة أقيمت قبل أيّام من قبل جمعية “البيارق البيضاء” كان عنوانها التعايش السلمي ضرورة حياتية تم التركيز فيها على أنّ الأسرة تقع على كاهلها مسؤولية تكوين الرؤية الشخصية للطفل ويأتي دور الوالدين في إتاحة الفرصة أمام الطفل دون ضغط أو إكراه، وهناك حقيقة لابدّ من الاعتراف بها تتمثل في أنه لا يوجد تطابق كلي بين البشر في كل القضايا وحتى بين الأزواج تنشأ الخلافات، ولسنا بحاجة إلى عناء كبير لملاحظة أنّ الخلافات ناشئة لاختلاف رؤية كل فرد للآخر، واحتواء الخلاف يتم من خلال الإقناع بوجهات النظر.

الخلاصة أنّ الناس يجمعهم الشعور الإنسانيّ ولا أعتقد أنّهم بحاجة إلى تصنيف من أي نوع، ولعل التساؤل هنا لماذا “بيل غيتس” يحظى بتقدير العالم؟ لأنه ببساطة كان توجهه لكل الناس بصرف النظر عن هوياتهم ومللهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية