العدد 3434
السبت 10 مارس 2018
banner
رسالة روحاني
السبت 10 مارس 2018

هي ذاتها لغة الطغاة وإن اختلفت “لهجاتها”... يحكي الرئيس حسن روحاني بكل ثقة ممكنة، أنّ صواريخ بلاده وأسلحتها مُخصّصة “لترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة (...) وإنّ إيران لم تعتدِ على أحد منذ انتصار ثورتها رغم الفرص الكثيرة التي توفّرت لها”! ويحكي سيّد الكرملين فلاديمير بوتين شيئاً أكثر سوريالية من ذلك عندما يقول إنّ سياسة الأرض المحروقة التي يعتمدها حيال البيئة السورية، الأكثرية من دون تمييز، إنما هي “مقاتلة للإرهاب” وخدمة للبشرية عموماً! ومثلهما، وإن بإسفاف مرضي مضاعف، يحكي الرئيس السابق بشّار الأسد عن “تطهير سوريا” وصون “سيادتها” و”حماية” شعبها.

وفي السياق العام الجامع للأنماط الثلاثة، شهوة لا سقف لها، لاعتماد نزعة احتقارية تطال أشياء “عمومية” كثيرة، منها الحقيقة المرئية بوضوح ليزري، وبعدها الأعراف الأولى الجامعة في عوالم الحداثة الراهنة، ثمّ منظومة القيم الفطرية والمكتسبة، المتّصلة بالأخلاق والسياسة وبديهيّات تقديس الحق الأول بالحرية والتملّك والحياة.

رئيس إيران بالأمس، قال ما قاله من دون أن يتوقف لحظة أمام “احتمال” أن “يذكّره” أيّ بشري في طول هذه المنطقة وعرضها، وخصوصاً الضحايا منهم، بيوميات وتفاصيل وترجمات المشروع “التنويري” الذي تحمله بلاده وتعمل بهديِهِ من اليمن إلى سوريا وما بينهما! أو أن يلفت نظره أحد النبهاء في طهران نفسها، إلى أنه، وهو رئيس الجمهورية المنتخب يخالف الدستور الإيراني في قوله هذا ويطمس مواده المباشرة والمواربة وخصوصاً المادة 154 التي تنصّ على وجوب تصدير الثورة وفق المفهوم المتّبع من قبل “الوليّ الفقيه”! تحت عنوان “دعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أية نقطة من العالم”...إلخ!

تلك حالة سافرة الوضوح لا تنقصها إضافات واستطرادات ولا توريات (غير مفهومة!) مثل تلك التي يعتمدها الرئيس الشيخ روحاني في حديثه عن براءة بلاده من جملة الويلات والنكبات التي سببها مبدأ “تصدير الثورة” والبحث عن النفوذ والاقتدار في دنيا العرب والمسلمين وعلى حساب العرب والمسلمين، وتحت الزعم الجليل بنصرتهم وإعانتهم وردّ الضَّيم العدواني الخارجي والداخلي عنهم!

الغريب، أن يتولّى ذلك الزّعم، الرئيس الإصلاحي القانط والغاضب من جموح مناوئي خطّه في الداخل السلطوي الإيراني، ومن جناهم الكارثي على إيران وجوار إيران! وأن يظهر كأنه على الموجة “الفكرية” ذاتها لبوتين والأسد! أم ترانا، نحن الذين نأخذ الأمور بظواهرها ونسيء التفسير! ولا ننتبه في الإجمال إلى أنّ روحاني لا يخاطب ضحايا مشروع بلاده في الجوار العربي والإسلامي! ولا يهمه تسفيه منطقِه وقوله عندهم! بل يخاطب غيرهم، في المنطقة والغرب، ويطمئنهم مجدّداً وتكراراً، إلى أنّهم غير معنيّين بصواريخ إيران وأسلحتها! ولا داعي للقلق من حرصها المتين “على الاستقرار” وفق مقاييسهم التي تضع إسرائيل في الصدارة!.. أم ماذا؟!. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية