العدد 3435
الأحد 11 مارس 2018
banner
التدفق الإخباري متباين الاختلال
الأحد 11 مارس 2018

كان منع تصدير النفط إلى الغرب في الخامس عشر من أكتوبر عام 1973 ضربة موجعة قلبت موازين اللعبة ووضعت الغرب في موقف العاجز، ولا أذكر يوما أن خبرا محليا أو عربيا سيطر على عناوين أخبار العالم وتحكم في موازين التدفق الإخباري الذي عجزنا عن ضبطه سوى هذا الخبر في حينه، ومنها إلى الآن لم نلمس خبرا بذات القوة تنفرد به الصحف ووكالات الأنباء العالمية ويكون مصدره دولة عربية.
عجزنا بالفعل عن تثبيت ميزان القوى على صعيد الأخبار على الأقل، رغم كل المحاولات التي قامت بها دول عدم الانحياز منذ نشأة الحركة إلى يومنا هذا، وتعود القصة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حينما ساد العالم توتر عرف بالحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي أي الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية، الحرب حينها كانت تشمل رغبة الطرفين في السيطرة على العالم والتفوق في التسلّح فيما لعب الإعلام دور السلاح المستخدم، فأصبحت الأخبار الرائجة في ذلك الوقت تدور حول الكتلتين دون الالتفات إلى أخبار بقية دول العالم، وهو ما سبب حالة من الانزعاج لدى البعض ممن رفض الانحياز إلى أي من المعسكرين ومنها خرجت حركة “دول عدم الانحياز” التي اجتمعت تحت مظلة اليونسكو مطالبة بأن تحل إشكالية الخلل في التدفق الإخباري، واستطاعت أن تتبنى فكرة وكالات الأنباء متعددة الجنسية، وهي وكالات تشترك في تمويلها والإشراف عليها دول ترى أن هناك إهمالا واضحا لأخبارها على الساحة، لكن هذه الوكالات لم تستطع منافسة الوكالات العالمية التي تسيطر عليها الدول العظمى، لعدد من الأسباب يتصدرها غياب رأس المال والإعلاميين المحترفين.
وحتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتقسيم دول العالم إلى دول عالم أول وثاني وثالث، مازال هذا الخلل ملموسا، خصوصا أن الدول العظمى أخذت على عاتقها أن تظهر في وكالات أنبائها أخبارا تتعلق بالحروب والدمار الذي يسود العالم الثالث، متجاهلة أية أخبار متعلقة بالتنمية البشرية أو الإنجازات العلمية، فيما لا تخلو صحفنا ووكالات أنبائنا العربية والمحلية وكل وكالات العالم من أخبار تشيد بالغرب وسياساته وإنجازاته في تباين فادح، يجعل ميزان التدفق الإخباري في خطر مع ثقل كفة وخفة كفة أخرى يكاد لا يرى منها إلا كل ما هو خرب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية