العدد 3435
الأحد 11 مارس 2018
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
الانتخابات بين الواقع والأسطورة
الأحد 11 مارس 2018

الشعب البحريني بكل طوائفه يملك ذكاءً سياسيا لأن يكون أسدًا في التهام لحم الفرص السياسية.

في 2002 دعوت إلى فك شفرة الإسلام السياسي من عقول الناس، والمشاركة في الانتخابات البرلمانية، وعدم الدوران حول طواحين هواء رجال الدين أو الرقص مع حفلات السياسيين في “المؤتمر الدستوري” الجوالة بين أرصفة المنامة؛ لأنها كانت تلبس نظارات سوداء غير قادرة على رؤية ما يمتلكه القدر من مخالب وأظافر لا تشفع لغفلة السياسي إذا أضاع بوصلة تقدير الأمور.

16 عاما، وأنا أكرر ذات المخاوف، داعيا إلى تغيير الخطاب الديماغوجي إلى خطاب تنويري فلسفي (غوستافوني) يستبدل شهادة الوفاة بالشهادة الجامعية، وان التغيير يأتي من الجامعة لا الجامع، ودعوت إلى قطيعة تامة مع تراث البرانويا، والتلذذ بتمثيل دور الضحية، وتغييره إلى المشاركة بقيم المدنية، وفصل الدين عن السياسة، وان الدين علاقة أخلاقية فردية بين المرء وربه، فلا يحق لأحد التحرش بعقول الجماهير، وإخصاء عقولهم بسادية الوصاية أو تمثيل دور الإله في استعلاء كهنوتي.

ألقيت على مقالاتي الحجارة، ورجمت مقولاتي من الغالبية رغم أنها كانت واضحة وشفافة كدمعة وكقطعة كرستال كما هو تعبير نزار قباني، عيني على المستقبل، وكنت خائفا لأن يدخل ذات الفتيان زنزانة الثورية التي دخلتها، وأنا شاب، فأكلت أعز مرحلة من عمري، عشت فيها مشردا 10 سنوات على أرصفة الغربة، بعد سقوط التمثال الثوري من عيني في 1996.

اليوم تصلني اتصالات من كل مكان تقول لي “الآن فهمنا ما كنّت تحذر منه منذ سنين”. كنت أكرر من موقع 10 سنوات في الغربة، ومن خبرة مؤلمة، أن إيران، والغرب وأميركا مخادعون يستخدمون الناس لا يخدمونهم، تارة بالتباكي على حقوق الإنسان، وتارة باسم العدالة الاجتماعية، وأخرى باسم الإله.

رغم تولعي بالفلسفة الغربية إلا أن نهج البلاغة، وشخصية الإمام علي عليه السلام في قراءة وفلسفة الحياة هي بوصلتي في تلمس الموج للوصول إلى الشاطئ السياسي لكحل العين بجزيرة الخلاص الأبدي حيث لا منصب، ولا جاه، ولا شهرة تدوم وتنفع إلا بمن أتى الله بقلب سليم، فرغم افتتاني بأدوات الديمقراطية، وآليات المدنية، وألا ديمقراطية إلا بديمقراطيين، إلا أن السلام الداخلي كما يعبر عنه في علم النفس، وعلى “NLP” يختصره شعر الإمام علي عليه السلام “ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل”، لا رهبة ولا رهبانية ولا إرهاب في الدين.

لا نحتاج إلى عبقرية لاكتشاف أن كثيرا من الناس من هم في الداخل والخارج اكتشفوا فخ ثقافة المقاطعة والهرولة للمهجر، وأنهم أصبحوا كبش فداء لأحلام السياسيين الرومانسية، وهم ليل نهار في حالة تصيد أي خبر مسرب لحلم العودة والتوبة السياسية من شعارات قاتلة، بعد أن تقرحت أرجلهم من أرصفة غربة، وتسورت عيونهم بجدران عالية عن قراءة بيانات السياسيين.

كما دعوت طيلة 16 عاما الجماهير البحرينية للمشاركة في الانتخابات النيابية أدعوهم لانتخابات 2018 يسبقني بيت الشاعر محمد مهدي الجواهري “لم يبق عنديَ ما يبتزه الألمُ.. حسبي من الموحشات الهم والهرمُ”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية