بلغة الأرقام، شهدت غرفة تجارة وصناعة البحرين أمس أقوى انتخابات منذ تأسيسها قبل 78 عاما، مما يعكس حرصا متزايدا على تفعيل دور الغرفة باعتبارها شريكا حيويا ومؤثرا للقطاع العام في التنمية الاقتصادية.

جملة المشاهدات التي تم رصدها في مركز عيسى الثقافي يمكن إيجازها في عنوان واحد: “عرس ديمقراطي”، إذ لم تكن المنافسة على نيل شرف الانتماء إلى بيت التجار أقل حرارة من طقس يوم أمس، كما لم يبد الناخبون فتورا تجاه اختيار ممثليهم في هذه المؤسسة العريقة.

فعلاوة على الزيادة غير المسبوقة في عدد أعضاء الغرفة الذين يحق لهم التصويت، شهدت انتخابات 2018 مجموعة من المظاهر الإيجابية؛ من أبرزها تطوير مفهوم الكتل الانتخابية، واستخدام التقنيات الحديثة في الحملات الانتخابية، والبث التلفزيوني المباشر لعملية الاقتراع.

يضاف إلى ذلك التنظيم الجيد، وقد رأينا عبر البث الحي كيف يشرف رئيس لجنة الانتخابات جاسم عبدالعال على سير العملية داخل قاعة الاقتراع في مشاهد تنم على حسن تقدير لحجم المسؤولية، ورغبة صادقة في إنجاح هذا الحدث الكبير بحيث يعكس الوجه الحضاري للبحرين ويرتقي إلى مستوى تطلعات قيادتها وشعبها.

من بين الصور الإيجابية التي يجب التوقف عندها في انتخابات الغرفة؛ حرص كبار السن والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة على المشاركة، وكذلك روح المبادرة التي أبداها الشباب والنشء عبر التطوع لتنظيم الحدث، فكان من بين المتطوعين صبي يبلغ من العمر 11 عاما.

ومثلما يحدث في كل عرس، كانت هناك بعض اللقطات المزعجة التي يجب العمل من الآن على تفاديها في الانتخابات المقبلة؛ بعضها تنظيمي مثل توفير بطاقات رسمية للإعلاميين وتجهيز أماكن مخصصة لهم لتسهيل مهمتهم، وتوفير مرافق صحية متنقلة، وهذه أشياء بسيطة يمكن حلها بسهولة.

لكن الصورة الناصعة التي رأيناها أمس لم تخل من أحد أكبر العلل المزمنة التي تعاني منها معظم العمليات الانتخابية في العالم؛ فوضى الدعاية الانتخابية في مراكز الاقتراع، مشكلة لم تتناولها بنود المرسوم بقانون رقم 48 لسنة 2012 ولا القرار رقم (156) لسنة 2013 بإصدار اللائحة التنفيذية للمرسوم.

لكي تكون انتخابات بيت التجار أنموذجا للممارسة الديمقراطية المتطورة ينبغي وضع قواعد منظمة للدعاية الانتخابية تحقق مبدأ المساواة بين المترشحين؛ إما عبر الاسترشاد بالمبادئ الموجودة في قرار تنظيم الدعاية الانتخابية لمجلس النواب والمجالس البلدية، أو اعتماد القواعد المطبقة في انتخابات غرف التجارة العالمية التي تضبط هذه المسألة.