العدد 3438
الأربعاء 14 مارس 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
اخرج من نفسك...
الأربعاء 14 مارس 2018

هل فكرتم يوما أن تخرجوا من إطار ذواتكم أو أنفسكم؟ دون اللهاث وراء شخوصكم، والجري وراء دراساتكم، وأعمالكم، وحياتكم الخاصة؛ لتتدبروا أدوراكم تجاه البعيدين عنكم؛ وأبناء مجتمعاتكم وبلداتكم، وأبناء بلدان هذه الأرض؟ أم أن الأمر – في منظوركم - ليس من اختصاصكم، ولا يعنيكم أصلا!

إن قوله تعالى (ويجعلكم خلفاء الأرض)، لا ينطبق علينا، أو - على الأقل - على الغالبية العظمى منا؛ فنحن نفهم الخلافة بمعنى (الخِلفة)، وزيادة النسل، وتعمير الأرض بكثرة الإنجاب! ونفهم الأرض بمعنى المكان أو البلد التي نعيش على ترابها! وقد نفهم الاستخلاف بمعنى السيادة و“الرياسة”، أو تعمير البنايات والمباني!

بعضنا؛ سيفسر الكلام أو الآية القرآنية بشكل ديني متعسف، وأن الغرض من الخلافة هو بناء دولة الإسلام، وتقوية شوكتها، ومَنَعتها، وعنفوانها، في مقابل إضعاف دولة الكفار!  

لستُ في صدد التفسير، فلست أفضل مَن يفسر، إنني في صدد التحفيز على التفكير حول دورنا في هذه الحياة، وكيف أننا نعيش وكل ما يهمنا - قوت يومنا، ومصالحنا، وأبناءنا، والحيز الجغرافي الذي (نقبع) فيه - دون التفكّر لحظة في الهمّ العالمي، والدور الأكبر الذي خُلقنا لأجله، فأنا لا أظن – أبدا – أن دوري ينحصر في البحث عن زوج، وإنجاب أولاد، والبحث عن وظيفة... وانتهى الأمر! لماذا نعمل بشكل محدد، شخصي، أو بيتوتي، أو ربما محليّ جدا، دون أن ننظر إلى العالم والناس الخارجين عن إطارنا؟  

إنها ليست دعوة للعب دور الأمم المتحدة، أو الجهات العالمية المعنية باللاجئين، أو المتضررين، أو إصلاح العالم، فهذا دور جلل، يحتاج إلى جهود جبارة، إنها دعوة لتوسيع نظرتنا نحو العالم من حولنا، والتفكير خارج نطاق (الأنا)، ومن ثم؛ إدراك حجمها الصغير جدا؛ كمادة، والكبير جدا كعقل؛ فيما لو استثمرها الواحد منا بالشكل الصحيح. إنها دعوة لنقفز خارج لوحاتنا الخاصة، التي تحمل صورنا الشخصية، دعوة لنتخيل أرواحنا تحلق خارج أجسادها؛ لتتأملها، وتستوعب مدى ضآلتها، كطيار يناظر الأرض من الأعالي، لا شك ستكون الصورة مختلفة، والإحساس مغايرا جدا.

إن الخلافة، تحتاج إلى فهم وإدراك كل واحد منا؛ فردا فردا؛ دورَه الحقيقي؛ لنشكل – معًا - مجموعًا عدديًا ونوعيًا، قادرا على الفعل في هذا العالم الكبير، الذي لا نرى منه؛ سوى (أنانا) الخاصة، والتي لا تتجاوز محط أقدامنا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية