العدد 3440
الجمعة 16 مارس 2018
banner
شهادة إيرانية (2)
الجمعة 16 مارس 2018

سعي “صادق!” للانفتاح على البعيد، وإقفال دؤوب على القريب! لغو بنصرة “المظلوم” في فلسطين والتزام بنصرة الظالم في دمشق وبغداد! علاقات ديبلوماسية في السفارات، وميليشيات في الثكنات! رفض التدخل الخارجي في الشأن الإيراني، وإباحة التدخل الإيراني في شؤون الآخرين وأحوالهم وكياناتهم وشعوبهم وتركيباتهم وأمنهم... الأمر في خلاصته مربوط بحبل متين: تصدير “الثورة” إلى الخارج يقوّض “الدولة” في الداخل!

ولا جديد في هذه الخلاصة، بل سبق الفضل في تجربة أكبر وأشمل وأقوى وأخطر، كان اسمها مرّة “الاتحاد السوفياتي”! وهذه امتدت فعلياً ولم تدَّعِ الامتداد! ووصلت ولم تدّعِ الوصول! وامتلكت من المقوّمات الحقيقية ما لا تملك إيران جزءاً يسيراً منه! لا في التصنيع ولا في العلوم ولا في الموارد الأولية والثروات الطبيعية ولا الجيوش ولا التسليح ولا “النووي” وسباقات الفضاء، ولا في الآداب والفنون والطب والموسيقى، ولا القدرة العامة على مقارعة “الامبريالية” على مساحة الكرة الأرضية، ومع ذلك نخرها السوس من داخلها! ولم يعوّضها الانتشار الخارجي عن الانكفاء الداخلي، مثلما لم يعوّضها الوصول إلى الحدود الأميركية في كوبا وتعبئة مخازنها بالأسلحة عن فقدان الخبز والحليب واللحوم والخضار من رفوف البيع في مخازن موسكو وبطرسبورغ! ومثلما لم يعوّضها امتداد صفوف “الجيش الأحمر” على مساحة نصف أوروبا، عن امتداد صفوف “الشعوب السعيدة” في المعسكر الاشتراكي أمام المتاجر انتظاراً لشراء قبّعة! أو معطف! أو حذاء! أو علبة تبغ! أو زجاجة فودكا!

شهادة وزير الداخلية الإيراني - تحديداً وليس غيره! - هي شهادة تقنية إذا صحّ التعبير، وليست سياسية، وأهميتها الاستثنائية في كونها كذلك، أي مستندة إلى العلم وليس التحريض، وإلى الأرقام وليس التخمين، وهذه في جملتها، تقول إن الإيرانيين ليسوا راضين عن شيء في أداء النظام! وإن تحرّكهم في الشارع لم يتم بإيعاز من الخارج! وإن عودتهم إلى ذلك التحرك واردة في أية لحظة... كأنّه يقول “اللهم اشهد أنّي قد بلّغت”. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية