+A
A-

معرض البحرين الدولي للكتاب الـ 18 في حلة جديدة وتوقعات بحضور جماهيري غير مسبوق

يأتي معرض البحرين الدولي الـثامن عشر للكتاب الذي سيقام في مملكة البحرين نهاية مارس الجاري وسط أجواء احتفالية كبيرة ترجع بالأساس إلى أن أنشطته وبرامجه تنظم للمرة الأولى في موقع أثري مفتوح ترنو إليه أنظار محبي وعشاق الآثار والتراث في المملكة وخارجها، وذلك في الخيمة المشيدة بجانب قلعة "عراد" التي أُدرجتها منظمة "اليونسكو" الدولية على قائمة التراث الإنساني العالمي. 
وتكتسب دورة هذا العام أهميتها كونها واحدة من أهم مظاهر الحراك الثقافي المكثف الذي يصاحب مهرجان "ربيع الثقافة" وتعم فعالياته ربوع مملكة البحرين وشتى أرجائها منذ أواخر فبراير الماضي، ويُنتظر أن يمتد بمعارضه الفنية والتشكيلية وندواته الفكرية ومحاضراته وأمسياته الشعرية وحفلاته الموسيقية وعروضه المسرحية حتى نهاية إبريل الجاري. 
ويتزامن معرض البحرين للكتاب مع احتفالات المملكة، قيادة وحكومة وشعبا، بمدينة "المحرق" عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2018، وسيُقدَم خلاله الكثير من الكتب والمطبوعات التي خُصصت للاحتفاء بالمدينة ودراسة تاريخها ومعالمها المكانية والبشرية، ولعل أبرزها كتاب الباحث البريطاني السيد "هوارد كينج" "المحرق مهد المملكة"، الذي أهداه يوم 20-3-2018 لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله في قصر القضيبية الذي يتفضل برعايته الكريمة للمعرض منذ بداية انطلاقته وحتى الآن. 
وكانت احتفالات البحرين بمدينة المحرق عاصمة للثقافة الإسلامية انطلقت في حفل بهيج أقيم بجانب قلعة "عراد" يوم 28 يناير الماضي، وبرعاية كريمة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وحضور سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء، ممثلاً راعي الحفل، ومعالي الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة. 
وتمثل هذه الأجواء الاحتفالية التي قلما يجتمع فيها انعقاد كل هذه الفعاليات تقريبا في وقت واحد، مناسبة مهمة تعكس مدى الزخم والحيوية الذي تنعم به الحياة الثقافية في البحرين، وبيان مدى قدرة مملكة البحرين على تلبية رغبات المهتمين بالثقافة بكافة شرائحهم ومستوياتهم الفكرية، خاصة أن معرض الكتاب بسمعته ومكانته التي حققها طوال العقد ونيف الماضيين يعد مفصلا محوريا من مفاصل الحركة الثقافية بالبلاد، وبيئة خصبة تجتمع فيها كل مقومات العمل الثقافي. 
وقد استطاع معرض البحرين للكتاب طوال السنوات الماضية تحقيق العديد من الأهداف، فإضافة إلى جذب الأنظار إلى تجربة المملكة الحضارية في شتى مناحي الحياة، والترويج لها على المستويين التنموي والبشري، فإن المعرض كان له الفضل في تنمية المردود والعائد الثقافي للبلاد، خاصة على صعيد استقطاب العديد من دور النشر المحلية والوافدة من الدول العربية والأجنبية، واستضافة رموز الحركة الفكرية والأدبية والثقافية في المنطقة والعالم، وتحقيق التواصل فيما بينهم وبين مريديهم ومحبيهم في البحرين. 
ويتميز معرض البحرين الدولي للكتاب هذا العام، الذي أُعلنت أبرز فعالياته قبل أيام، بالعديد من البرامج والانشطة التي سيكون لها دور كبير في زيادة ثقل ووزن البحرين على صعيد تنظيم المعارض والمؤتمرات، وبخاصة الفكرية والثقافية منها، فمن جهة ستُقدَم المملكة العربية السعودية الشقيقة كضيف شرف هذه النسخة من المعرض جريا على عادة المعرض خلال السنوات الماضية، وهو ما رحب به نائب سعادة السفير السعودي لدى مملكة البحرين وممثل ضيف شرف المعرض الذي أشار إلى أن زوار المعرض سيلتقون وجها لوجه مع نخبة من الأدباء والكتاب والمفكرين والشعراء والسعوديين، وهو ما سيثري هذه الدورة من معرض البحرين للكتاب بجانب نظرائهم من البحرينيين والعرب. 
من جهة ثانية، يُتوقع إعلان "جائزة البحرين للكتاب" هذا العام، التي أُطلقت عام 2011 بمناسبة اليوم العالمي للكتاب، وذلك للاحتفاء بمشاركات كتاب وباحثي المملكة السعودية الشقيقة تحت عنوان "الأدب وتشكيل العالم"، ويُنتظر إعلان الفائزين بالجائزة ضمن فعاليات المعرض، وهو ما سيكون له عظيم الأثر في تأكيد وتمتين وشائج الصلة التي تربط الشعبين البحريني والسعودي. 
هذا بالإضافة إلى أن المعرض سيكون له قصب السبق في استعراض الإرث الثقافي والفكري للشقيقة المملكة السعودية والتعريف به ودراسته كجزء من تاريخ العلاقات الوطيدة التي تربط المملكتين، حيث يُنتظر أن يستقطب المعرض العديد من الفعاليات السعودية المتخصصة كالندوات والمحاضرات والعروض الموسيقية وعروض الرسم والنحت والصور الفوتوغرافية، وغيرها. 
وفي تطور لافت لأهمية ودور المعرض هذا العام، يشار إلى الزيادة الكبيرة في عدد دور النشر المشاركة، حيث سيستضيف المعرض نحو 400 دار نشر ومؤسسة ثقافية وفكرية محلية وعربية وعالمية قادمة من 26 دولة، وهو ما يزيد عن الثلث تقريبا مقارنة بدورة العام الماضي، ويُتوقع أن يصاحب ذلك إقبال كبير من جانب المهتمين وعشاق الفكر والثقافة، سيما أن المعرض سيشهد العديد من الفعاليات الثقافية والأمسيات الشعرية والعروض الفنية وأيضا الأفلام الوثائقية. 
وقد أولت "هيئة البحرين للثقافة" اهتماما خاصا هذا العام بطبيعة الفعاليات المنظمة داخل أروقة المعرض لتضم بالإضافة إلى صالات عرض دور النشر المختلفة: المسارح والمقاهي والأجنحة الخاصة والساحات المخصصة للعوائل والأطفال، فضلا عن توفير السبل المناسبة لتلبية احتياجات زوار المعرض من كافة الفئات والشرائح، وبخاصة مساحات الانتظار وحافلات النقل من وإلى موقع الحدث المطل على مياه الخليج. 
ويُنظر للمعرض باعتباره مناسبة جيدة لإبراز دور "هيئة البحرين للثقافة" كمحور رئيسي من محاور نهضة المملكة وتنميتها، خاصة على الصعيد الثقافي، وذلك في ظل رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء لفعاليات المعرض طوال السنوات الماضية، مثلما سبق ذكره.
كما أن المعرض يمثل فرصة مواتية لعرض نتاج الحراك الثقافي بالبلاد ككل، ولا سيما مشروع "نقل المعارف" الذي تديره "هيئة البحرين للثقافة" وتشرف عليه، ونجحت حتى الآن في نقل وترجمة 17 كتابا منذ بداية انطلاقة هذا المشروع، حيث أصدرت في يناير 2018 الإصدار الـ 18 من هذه السلسلة، وحمل عنوان "هل يجب حقا تقطيع التاريخ شرائح؟" للمؤرخ جاك لوغوف.
ويتسم معرض هذا العام بتخصيص عدة جوائز لرواد العمل الفكري والحركة الثقافية في البحرين وخارجها، وذلك تشجيعا من البحرين لهؤلاء الرموز الذين يمثلون حقيقة الشخصية الوطنية ووعيها المتجسد، وحرصها على إتاحة المجال واسعا للتبادل المعرفي والثقافي بين المملكة ومحيطها الخارجي. 
وبالإضافة إلى "جائزة البحرين للكتاب" المشار إليها سلفا، والتي ستوجه إلى كتاب وباحثي المملكة السعودية الشقيقة احتفاء بنتاجهم الفكري، فإن هناك جائزتين أخريين، وهي: جائزة المفكر والناقد الراحل "محمد البنكي" لشخصية العام الثقافية لتكريم أصحاب الإنجازات الثقافية الملحوظة، وجائزة "لؤلؤ البحرين" التي تستلهم روح الشيخة "لولوة بنت محمد آل خليفة" رائدة العمل الاجتماعي بالمملكة لتكريم المؤسسات والأفراد المهتمين بحقل الخدمة الاجتماعية والعمل التطوعي والإنساني. 
يشار إلى أن "هيئة البحرين للثقافة" ومن خلال دورة المعرض الدولي للكتاب الـ 18 تسعى لإبراز حضورها في عالم الفكر، وترسيخ تواجدها ومشاركاتها في المحافل الثقافية المختلفة، مثلما فعلت وتفعل دائما في معارض الكتب بالدول المجاورة.
وتهدف "الهيئة" من وراء مساعيها وخطواتها الجادة وتحركاتها الثقافية العديدة إلى تجسيد وجه البحرين الحضاري، والتعريف بمقوماتها التراثية وإرثها الإنساني، وحرصها على صيانة هذا النتاج البشري والعمراني الذي تحقق عبر مئات السنين بالبلاد.
إن هذا الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة للعمل الثقافي ككل بالمملكة يمكن أن يجعل من البحرين ليس فقط وجهة وملتقى لنخب الفكر والأدب والثقافة، وإنما مقصدا سياحيا بامتياز يمكن أن يدر للبلاد الكثير من المردودات والعوائد المباشرة وغير المباشرة.