العدد 3449
الأحد 25 مارس 2018
banner
مجلس الرئيس... مصارحة مع الشعب
الأحد 25 مارس 2018

لم أشهد في حياتي مصارحة كتلك التي دشن خليفة بن سلمان مشروعها الوطني في مجلسه المهيب الأحد الماضي، تمنيت أن أكون قريبا من سموه في ذلك اليوم، وأن أكون جزءا من ذلك الخليط البحريني المغموس في رحيق الوطنية، والمحمول على أعناق الفكرة التاريخية عندما يتم تداولها بين الأحباء وحين يرسي دعائمها قائد فوق العادة متوج بالشفافية المطلقة، وبالصرامة الفائقة، وبالحزم المنشود.

تابعت ما نشرته الصحف البحرينية عما دار في ذلك المجلس، وأنا أشارك في مؤتمر علمي بمدينة جدة بالشقيقة الكبرى السعودية، لم أندهش، ولم تفاجئني تصريحات الأب الرئيس، فهو مثلما عودنا أسد جسور، يزأر في وجه الظلم لينشر العدل في ربوع البلاد، زعيم غيور عندما تتراءى في سماوات الوطن سحب غريبة أو رياح مريبة.

وبالفعل ظهر الرئيس في حلته الشامخة، معبرا عن مكنون ضاقت به الصدور، وشارحا لمشاعر فاض بها الكيل، إنها تلك الملاسنات التي اتسمت بها أدوات التواصل الاجتماعي خلال الأونة الأخيرة، تلك الاتهامات والاتهامات المضادة، وذلك العدوان على الهرم القيمي لعادات وتقاليد المجتمع.

لم يخف رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه سرا عن مواطنيه، أذاع كل ما كان يدور همسا من وراء الكواليس، كشف العورات عن المغرضين والسوءات عن الحاقدين، وأزاح أوراق التوت اللعينة عن نوايا المارقين.

رد سموه الصاع صاعين لكل من تسول له نفسه أن يشق اللحمة بين أفراد الشعب الواحد، وأبناء الوطن الواحد، قالها بالفم الملآن، جلالة الملك وسمو ولي العهد وشعب البحرين معي، وأنا أعيد على مسامع القراء ما ذكره الرئيس القائد، والله أيضا معك يا أبا علي، يشد من أزرك، ويقوي من عزمك، ويقيك شر الفاسدين المفسدين.

لقد سن سمو الرئيس سُنة حميدة بين قيادة وشعب، عندما بادلهم قلبا بقلب، وحبا بحب، وعندما هيأ لهم سبل المكاشفة الراقية، وأدلى ربما لأول مرة بما كان يُعتبر في كثير من الأمم ممنوعا من الصرف، وموضوعا على الرف، ومحفوفا بالمخاطر.

تحدث سموه عن انتهاك الخصوصية، وكيف أن ذلك يؤدي إلى تفتيت المجتمع إلى زرع الفتن بين الأشقاء، وبث سموم الضغينة بين أعضاء الجسد الواحد، فأسهب وأفاض وأدان، مشبها الحالة المزرية بأنها لا تعدو كونها “جسماً غريباً”، سرعان ما يلفظه الوطن والناس.

إن المرء في هذه اللحظات لا يمتلك إلا التأكيد من جديد على أن سموه حفظه الله ورعاه يدرك أن مسئوولية القيادة تحتم عليه رأب الأصداع في مهدها، ووأد الفتن في رحمها، والذود عن مقدرات الوطن كلما لاح في الأفق شيطان الفرقة والانقسام.

مجلس الأحد الماضي، كان تاريخيا بمقاييس الزمان والمكان، فارقا بمعايير اللحظة والقيمة والإنسان، لذلك لا يسعنا إلا أن نكررها على مسمعك النقي يا صاحب العزة والنقاء، سر في طريقك البناء، نحن معك نؤمن بمرادك، وامضِ كلما لاح الرجاء، وطن يحميه ولاؤك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .