العدد 3451
الثلاثاء 27 مارس 2018
banner
جوائز البنوك على حسابات الادخار
الثلاثاء 27 مارس 2018

في هذه الأيام تتسابق البنوك العاملة في البحرين، وتتصاعد جوائزها النقدية والعينية؛ لاستقطاب أكبر عدد من الزبائن لفتح حسابات ادخار لديها، وهي بذلك تلعب لعبة ليس فيها أي فائدة بالنسبة للاقتصاد الوطني؛ لأن مقدار الأموال المودعة والمدوّرة لدى البنوك هي نفسها لا تتغير، إنما ومن أجل تلك الجوائز، يوزعها أصحابها من الميسورين أو ذوي الدخل المحدود مجزأة على بنوك عدة بدل أن تأخذ مسارها الطبيعي في بنك واحد أو بنكين.

لذا فالبنوك بهذه الطريقة، تُشغل نفسها بحسابات عدة، وتُشغل الغني والفقير في أمور ليس لها مردود عام على الحركة التجارية أو الاقتصادية بالبلاد، إنما ينحصر مردودها على الفائز نفسه، وربما يكون أجنبيًا؛ بسبب أن بعض الأجانب اتخذوا من تلك العملية شبه مهنة أخرى، يتكسبون منها عن طريق فتح حسابات ادخار عدة بمبلغ لا يقل عن 50 دينارا في بنوك عدة، وبأسماء عدة، للعائلة الواحدة؛ من أجل توسعة مساحة الفوز والنجاح الكسول بإحدى تلك الجوائز كما هو واضح من أعداد أسماء الأجانب الفائزين بمثل تلك الجوائز، فتُرحل مبالغها خارج البلاد.

وهنا إن كان من حق مجلس إدارة أي بنك أن يقتطع ويخصص جزءا من الأرباح المحققة، للمساهمة سنويًا في أعمال البر لصالح المؤسسات الخيرية والإنسانية، على اعتبار أنها زكاة مال على الدخل المحقق، فهذا الشيء جميل ومرحب به ويُشكرون على فعله، هذا من جانب.

ومن جانب آخر، ليس من حق أي مجلس إدارة بنك إهدار مبالغ نقدية أو عينية، على أساس أنها جزء من التسويق لعمليات بنكية، مع أن هذا النوع من التسويق، هو تسويق مزيف ومدمر للتنمية والحركة التجارية المبدعة.

فالكل يعلم أن جُل أرباح البنوك تأتي من العمليات التجارية الكبيرة والقروض بأشكالها التجارية والشخصية وبطاقات الائتمان، وهي بكل تأكيد لا تأتي من العمليات الكسولة بإيداعات مبلغ 50 دينارا في حسابات الادخار الذي ينشغل به كثير من المواطنين والأجانب، وبه ينشغل أكثر موظفي البنوك في إعداد العمليات الدفترية والمتابعة الإلكترونية الرهيبة لضبط الحسابات، لذا فإن هذا الشيء يجب أن يتوقف لسببين، أولا أن الفائز غير مضمون أن يكون بحرينيًا يستثمر تلك الجوائز في السوق المحلية.

وثانيًا وكما سبق وأن ذكرنا، فإن فتح حسابات متعددة في بنوك عدة تُشغل الناس في معاملات خاملة بدل دفعها للإبداع في فتح فرص عمل جديدة، في مشاريع بسيطة، يحتاجها المواطنون.

كما أن الجوائز تُشغل البنوك في مهرجانات وإعلانات فاقدة الأهمية التجارية، وتتسبب في إهدار وقت موظفي البنوك والأشخاص ذاتهم. فهل في ذلك مصلحة للاقتصاد الوطني وللبنك كواجهة استثمارية للدولة؟! أم أن المصلحة المشتركة والأفضل للبنك وللزبائن وللسوق المحلية هي في إعطاء عوائد مالية ولو بسيطة على حسابات الادخار بدل أن تذهب قيمة الجوائز لشخص واحد غير مواطن؟

إن المراجعة السريعة مطلوبة لتوجيه تلك الأموال في الاتجاه الصحيح؛ ليكون مردودها أعم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية