العدد 3452
الأربعاء 28 مارس 2018
banner
رسالة إسرائيل... هل تردع ملالي إيران؟ (1)
الأربعاء 28 مارس 2018

لا أجد مبرراً مقنعاً لاعتراف إسرائيل رسمياً بتدمير المفاعل النووي السوري في دير الزور عام 2007 سوى رغبة تل أبيب في توجيه رسالة مباشرة وواضحة وصريحة لإيران بأن منشآتها النووية سيتم استهدافها في حال تجاوز إيران الخطوط الحمر التي حددتها إسرائيل لنفسها، ويبدو أن حكومة نتنياهو توصلت إلى قناعة مفادها أن نظام الملالي لا يأخذ التهديدات الإسرائيلية بشأن احتمالية توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، على محمل الجد، فذهبت إلى محاولة البرهنة على جدية الأمر باعترافين متتالين بشأن استهداف المفاعلين النوويين في العراق وسوريا.

ربما لا يكون هذا هو السبب أو الدافع الإسرائيلي الوحيد بل ثمة روزنامة أخرى من الدوافع المحتملة، لاسيما أن الاعتراف الرسمي الإسرائيلي بتدمير المفاعل السوري، جاء عقب هزة نفسية تعرضت لها إسرائيل عقب إسقاط مقاتلة “إف 16”، وعدم مقدرة إسرائيل على الانتقام والثأر خشية اندلاع حرب مع إيران وسوريا وحزب الله في توقيت جاء خارج نطاق حسابات المخطط الاستراتيجي الإسرائيلي، بمعنى أن الاعتراف يمثل جزءاً من حرب نفسية تمثل معادلاً موضوعياً للقيام بأي فعل عسكري حقيقي لترميم هيبة إسرائيل التي اهتزت بعنف عقب إسقاط المقاتلة.

ربما تريد إسرائيل أيضاً تهيئة الدوائر الأميركية لقرار مشابه بخصوص إيران، أو تستهدف تعظيم الضغوط على إدارة ترامب للتعامل بمزيد من الصرامة مع إيران تفادياً لحرب إيرانية ـ إسرائيلية قد تجر الولايات المتحدة إلى مواجهات عسكرية أوسع نطاقاً، والرسالة الإسرائيلية في هذا الإطار هي: إذا لم تقم إدارة ترامب بعمل اللازم للجم النفوذ والتدخل الإيراني في سوريا فستقوم إسرائيل بما يلزم لحماية أمنها القومي.

أختلف تماماً مع من يرون الاعتراف الإسرائيلي إعلاناً رسمياً بالتفوق على الدول العربية جميعها، فإسرائيل لا تسعى في المرحلة الراهنة إلى أي تشويش في ما يخص العلاقات مع الدول العربية، بل تسعى إلى تمرير “صفقة القرن” التي تتطلب بدورها ـ وفقاً للتسريبات الإعلامية ـ قدراً كبيراً من التوافقات والمواءمات السياسية، وإن كان بعض المحللين يرون أن الرسالة الإسرائيلية في شقها العربي لا تستهدف الدول والأنظمة، بل تستهدف الشعوب، بمعنى إضعاف الروح المعنوية وإقناع الجميع بأن التفوق العسكري الإسرائيلي يجعل من الصعب رفض صفقة القرن.

شخصياً لا أرى لهذه الرسالة عنواناً سوى طهران، ونظامها، فإيران باتت أكثر شواغل الأمن القومي الإسرائيلي في المرحلة الراهنة، وأعتقد أن إسرائيل تمهد بهذا الاعتراف لمرحلة ما بعد إلغاء الاتفاق النووي الموقع بين إيران ومجموعة “5+1”، حيث يفترض أن تمارس أقصى الضغوط على إيران ووضع نظام الملالي تحت هذه الضغوط كي يستجيب لما يملى عليه من مطالب تتعلق بالانسحاب من سوريا ووقف التدخلات الإيرانية في الدول المجاورة.

قال وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، تعليقا على هذا الاعتراف “إن على المنطقة كلها استيعاب الدرس من الضربة” التي وجهتها إسرائيل عام 2007 ضد ما يشتبه أنه مفاعل نووي سوري، أما وزير الاستخبارات إسرائيل كاتس فقال في “تغريدة” له “العملية ونجاحها أوضحا أن إسرائيل لن تسمح أبدا بأن تكون الأسلحة النووية في أيدي من يهددون وجودها.. سوريا في ذلك الحين وإيران اليوم”. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية