العدد 3453
الخميس 29 مارس 2018
banner
الإساءة للناس والوطن
الخميس 29 مارس 2018

يصدق المثل القائل: “أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي”، على الإجراءات التي اتّخذت مؤخراً بحق البعض على وسائل التواصل الاجتماعي، والذين امتطوا هذه الوسائل ليسيئوا للناس أو الوطن أو غير ذلك، وبالشكل الذي يستوجب الحساب، وهذا أمرٌ لا مرية فيه ولا عجب أو مكان لاستنكار مستنكر، فعلى الرغم من الوقوف المبدئي مع حرية الرأي، ولكن مع الحرية المسؤولة، وتجنب التعريض بالناس، وأعراضهم، وسمعتهم، فهذه من المرفوضات ولا يمكن الوقوف مع الانفلات الذي يقود إلى الفوضى التي لا تؤمن عواقبها.

ومع الإشادة بالتوجه الأخير لمحاولة “عقلنة” ما يجري في وسائل التواصل الاجتماعي، ولكي يعلم المستخدمون أن عليهم رقيبا عتيدا في الدينا قبل الآخرة حيث الذنب لا ينسى، فإنّ من الواجب علينا ككتاب ومراقبين أن نعاتب هذا التأخير في اتخاذ الإجراءات، وترك الحبال مرخيّة لسنوات طوال قبل شدها بالأمس القريب، فليس المقصود بمن يقول رأيه الذي من الطبيعي أن يتوافق فيه مع أناس، ويختلف مع آخرين، ويسانده البعض، ويضدّه الطرف الآخر، ويقبله من يقبله، ويرفضه من يرفضه، بل المقصود الإساءة والتهجّم والافتراء، والحديث عن البشر عند البعض بسهولة بالغة جداً، وليس أسهل من التشكيك في الذمم والأخلاق، وإذا كان التصريح يستوجب الإثبات، فيكفي قول البعض: “خلني ساكت”، لتفتح أبواب التكهنات واسعة جداً، ليأخذنا الخيال إلى ما وراء الحدود، وتتصدع بذلك الصورة الذهنية للفرد أو المؤسسة.

تشير الدراسات والإحصاءات إلى الارتفاع الهائل في التسجيل في وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها المكثف في البحرين بالتحديد في 2011، فلا تخطئ العين المؤشر الذي ارتفع بشكل لا شكّ فيه، وقفز المرتبطون بالإنترنت في البحرين بنسبة 45 % في ذلك العام، وواصل ارتفاعه، حتى غدت مملكة البحرين الأولى عربياً في القدرة على النفاذ إلى الإنترنت في 2017، وليس في هذا بأسا، ولكن هناك من المستخدمين من جرّب نفسه في الأوقات العصيبة، ووزّع الوطنية على الناس، وأشار بالأصابع إلى أفراد بأنهم متخاذلون، وآخرون مترددون، وسمّى الشخوص بأسمائهم.

الناس، وإن نضجوا، يبقون كالأطفال، يقومون بالفعل ويتلفتون، فإن لم يجدوا من يردّهم أو “يؤدّبهم” خطوا خطوة أخرى فيه، وانتظروا لبرهة، وأخذوا الخطوة التالية، وهكذا، فقد كان حرياً بالجهات الرسمية المختصة أن تشير محذرة منذ البداية، لئلا نسارع اليوم لسدّ الثقوب وقد اتسعت، والمثل ينسحب على الكثير من الشؤون الأخرى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية