العدد 3456
الأحد 01 أبريل 2018
banner
نقطة أول السطر أحمد جمعة
أحمد جمعة
مصيبة حين ترى الفشل نجاحاً
الأحد 01 أبريل 2018

أقترح وإن لم أكن واثقاً من جدوى اقتراحي أن ينشئ العرب وزارة للتفكير، ولهذا الاقتراح سبب وجيه يتلخص في معرفة أين يسير العالم وأين نسير نحن منه؟ فالرؤية غير واضحة والصورة مزيفة والفكرة مشوشة والسبب أننا لا نفكر ولا نعمل، وإن فكرنا، فكرنا في ماذا نرتدي؟

وإن عملنا شوهنا وسائل التواصل الاجتماعي، لهذا نحن أمة لا تعمل ولا تفكر.
تقاس الأمم اليوم بعقول شعوبها، لا أسماء عائلاتها، تسابق الأمم في هذا العصر الرياح لتحقق الرخاء لا أن تسقط في الفقر والجوع، تعرف الأمة إن كانت تسير في الطريق السليم من تفكير وتخطيط قادتها وتصميم شعوبها، تنهض الأمم في هذا الزمن بما تكسب من ثروة لا بما تنفق من ثروة هبطت عليها، لن تقوم قائمة لأية أمة ترزح تحت الجهل وتظن أنها خير الأمم، أية أمة تعتقد أن الله اختارها لتكون فوق الأمم هي في الواقع في أسفل الأمم، أية أمة تعتقد أنها أفضل من الأمم الأخرى هي في الواقع أمة تستحق الشفقة، أية أمة تسمع فيها الرجل يؤمن بأن المرأة مكانها البيت هي أمة تفتقد الرجال.

مشكلة الأمة العربية في هذه الساعة أنها ابتليت بملايين منها يعتقدون أنهم أفضل أمة ويعيشون في وهم التاريخ ويستجيرون بالدين ويتنفسون غبار العصور المظلمة وفي الوقت ذاته يظنون أنهم فوق بقية الشعوب وهنا تكمن المصيبة إذ لا ينظرون حولهم ولا يسمعون غيرهم ولا يفهمون ما جرى لهم ورغم ذلك يزعقون بأنهم فوق الجميع.
هذا هو القرن الحادي والعشرين ضمن الألفية الثالثة وموجة العولمة بموجاتها الفرعية لم نستغلها إلا في الشتم والسباب ونشر الفتن بينما هي عند الشعوب الحية وسيلة للسلام ونشر المحبة والعلوم، أمة لا تعرف أين تذهب؟ وماذا تريد؟ وكيف تعمل؟ وبماذا تفكر؟ مثل هذه الأمة لا تنتظر منها مستقبلاً يُرجى ولا تتوقع منها نبضاً يحرك المياه الراكدة، فمهما ملكت من ثروة فهي مثل البحر المليء بكنوز الكون ولا يعلم ما يحتويه، هذه الأمة بحاجة لصدمة تعي بعدها أن العالم بعد خمسين سنة لن يكون ملكنا بل ملك من يفكر ونحن للأسف لا نفكر إلا في طريقة لبسنا ونوع سياراتنا وموديل هاتفنا، وإن تقدمنا للأمام خطوة تراجعنا للخلف خطوتين، وإن فكرنا مرة بالصدفة تهنا مرات في المتاهة بدليل أن أغلب دولنا حرقت نفسها بنفسها وبلعت المقلب وفككت نفسها وأهدرت ثرواتها وألغت عقلها لمجرد أن هناك من ضحك عليها وقال لها إن الحرية والديمقراطية لا تأتيان إلا بالدم، شردت ملايين البشر كلاجئين في أنحاء الكرة الأرضية ومازال في هذه الأمة من يؤمن بالثورات والانقلابات، ومازال فيها من عقله يخبره بأنه سيغير العالم بالتلفون، هي الكارثة بعينها حين ترى الفشل نجاحاً.

تنويرة:

كل ظالم يعتقد أنه مظلوم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .