العدد 3456
الأحد 01 أبريل 2018
banner
“فاشونيستا العلم”!
الأحد 01 أبريل 2018

من قال إن العلم والأدب والفن لا تتقاطع؟ لماذا يتم الفصل بين هذه التخصصات في عالمنا العربي بالتحديد، بالأمس سألتني إحداهن عن إحدى اللوحات التي تزين منزلي، وبفخر أجبتها إنها من رسم الوالد، ردت علي مندهشة والحيرة بادية على ملامح وجهها “شلون أبوك رزه ومركز ويرسم عجيب”، حقيقة لم أفهم ما هو العجيب الذي جعلها تستنفر وتستغرب، سوى أنها ربطت بين المهنة القائمة على الدراسة والهواية التي تعتبر ملكه من الرحمن، لم أجادلها كثيرا، وقمت بعرض باقي اللوحات التي تملأ بيتي عليها، بعضها لفنانين معروفين والبعض الآخر لهواة ومحاولات بسيطة قمت بها بنفسي في محاولة لمحاكاة بعض التكنيكات الفنية التي خرجت بها بلوحات مقبولة وضعتها على استحياء في بعض الزوايا البعيدة في بيتي المتواضع.

لا أعلم بالتحديد أين تكمن الإشكالية في الجمع ما بين الأدب والعلم والفن، ولا أدري لماذا نحن في عالمنا العربي نصبغ المسميات العلمية أو المناصب بملامح لشخصيات قاسية متقلبة المزاج تخلوا من لمسات إبداعية لم نتعرف عليها في الجانب الآخر لنفس الشخص.

يستوقفني كثيرا فنانوا العصور الوسطى في أوروبا ومنهم “ليوناردو دافنشي” الذي جمع ما بين الرسم والهندسة وعلوم النبات والخرائط والجيولوجيا والموسيقى والنحت والمعمار، وعلماء المسلمين في عصر الإسلام الذهبي ومنهم “ابن رشد” الذي جمع بين الطب والفلك والفلسفة والجغرافيا والرياضيات والفيزياء وعلوم الفقه وعلوم إسلامية أخرى وعلوم الكلام، فهم جميعا ربطوا وجمعوا بين الأدب والعلم والفنون، والتاريخ لم ينصف هؤلاء، حين ركز على جانب واحد من شخصياتهم وأغفل بقية الجوانب وجعلنا نجابه حاليا جيلا يهتم بجمال المظهر والروح الخاوية، وكأن الجمال يتناقض مع العلم والأدب والفن، فهلا صنعتم لنا فاشونيستا للعلم، تتغلب على الدمى الخاوية التي باتت تستخدم لجذب أكبر عدد من المتابعين في الفضاء الإلكتروني الذي فرض علينا ونعايشه يوميا دون أدنى مقاومة!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية