العدد 3458
الثلاثاء 03 أبريل 2018
banner
المتغيرات الأميركية في سوريا وإيران (2)
الثلاثاء 03 أبريل 2018

أولى القضايا التي من المحتمل أن نعاين فيها تحولاً في السياسة الخارجية الأميركية هي سوريا، ففي 19 مارس الحالي، كتب خبير أميركي رفيع المستوى معني بالأمن القومي، ويتميز باتصالاته مع مصادر عليمة داخل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه” ووزارة الدفاع، مقالاً في صحيفة واشنطن بوست، أكد خلاله ضرورة تعزيز واشنطن موقفها في شرق سوريا، وتقديم الدعم لـ “وحدات حماية الشعب”، الخاصة بالسوريين الكورد، وأضاف أنه من الضروري وقف روسيا في خضم “التنافس المستعر بين القوى الكبرى” داخل سوريا، وكذلك منع إيران من السيطرة على طريق بري من إيران حتى لبنان، كما أعرب عن اعتقاده بأن وجود قوات أميركية، وأخرى يقودها الكورد، سيمنح واشنطن مزيداً من النفوذ في إطار مفاوضات جنيف.

ويكشف المقال طبيعة التفكير السائد داخل الفريق المحافظ من إدارة ترمب، الذي يبدي استعداده لخوض مخاطرة الدخول في حرب مع روسيا وإيران حول سوريا، وآمل أن يكون القارئ قد لاحظ أن المقال لم يتحدث كثيراً عن تنظيم داعش.
عندما كنت سفيراً لدى سوريا بين عامي 2011 و2014، لم يكن هناك أي تفكير في العمل على أن يحل النفوذ الأميركي محل النفوذ الروسي داخل سوريا، وفي الواقع، لم تكن سوريا قط ذات أهمية تذكر بالنسبة إلينا لدرجة تدفعنا لخوض مخاطرة التورط في حرب مع روسيا من أجل السيطرة على سوريا.
وبالمثل، لم نفكر جدياً في فكرة الطريق البري بين إيران ولبنان، خصوصاً في ظل استغلال طهران مطار دمشق في رحلاتها الجوية المتعلقة بالإمداد. والمؤكد أن هناك تغييراً كبيراً طرأ على المهمة الأميركية داخل سوريا من مجرد قتال “داعش” إلى العمل على تغيير نتيجة الحرب الأهلية المستعرة هناك، وليس مفاجئاً أنْ تقدم القوات الجوية الأميركية على قصف قوات حكومية سورية قرب حقل غاز طبيعي في محافظة دير الزور، وهي المنطقة ذاتها التي قصفت فيها قوات أميركية في 22 فبراير الماضي قوات حكومية سورية وأخرى روسية، والواضح أن هذه الضربات الجوية ترمي إلى السيطرة على عائدات إنتاج الغاز الطبيعي، وليس قتال داعش، وبذلك يتضح أن إدارة ترامب شرعت بالفعل في تغيير السياسة الأميركية إزاء سوريا، ومن المتوقع أن يضغط كل من بولتون وبومبيو باتجاه إجراءات أكثر صرامة حيال إيران وروسيا في الشرق الأوسط، فعلى سبيل المثال، سيسعى الاثنان نحو فرض مزيد من العقوبات ضد إيران وسوريا وروسيا، كما سيطالبان بتخلي واشنطن عن الاتفاق النووي مع طهران، وسيرفضان توجيه أموال أميركية لإعادة إعمار سوريا ما ظلت تحت حكم بشار الأسد، وسيحضان على إجراء تحقيقات، بل وربما تشكيل محكمة خاصة داخل أوروبا بهدف النظر في جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات سورية وإيرانية وروسية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .