+A
A-

سلطة البلاغة دراسة لحمدة خميس

تتناول الشاعرة الإماراتية حمدة خميس في كتابها «سلطة البلاغة في الخطاب العربي» 11 موضوعاً هي: اللغة في الأدب بوصفها مؤرخا، صيغ اللغة المستبدة، المصادر الخفية، الدلالة والإيحاء، الضمير المستتر، الأسلوب بوصفه وظيفة اجتماعية، التلازم التلقائي بين التلقي والنقد، البلاغة بوصفها ترويضا، إفقار الحس التحليلي، جمود الخطاب القياسي، الحداثة ومتاريس السلفية.

وتقول خميس في دراستها التي صدرت حديثاً عن مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون واتحاد كتاب وأدباء الإمارات، إن اللغة كما يرى علماء الدراسات الانثولوجية اللغوية: أداة مشكلة للواقع تفصل التصور إليه حسب مستعمليها، وتكوّن في استخدامها شبكة تعبير عن تصور خاص للعالم ونظام رمزي يلزم فرض علاقات اجتماعية ليس من أجل تسهيل عملية التواصل فقط، بل بإمكانها أن تقوم بالرقابة، الكذب، العنف، الاحتقار، القمع، الرغبة، المتعة، اللعب، التحدي، أيضا هي مجال الكبت عن طريق الاستبطان والتابو، كما أنها مجال التفريغ.

وتضيف بأن اللغة ميراث حضاري وتاريخي بأكمله، في جوانبه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، ولأنها دائمة الانتقال عبر كل الحلقات التاريخية لأية مجموعة بشرية، فإنها الشكل الأكثر كفاءة وفرادة في حمل الموروث الكلي وجعله معيشاً في تضاعيف الواقع اليومي، وهي لا تعبر عن صفة الأشياء والأفعال وأسمائها فقط، بل تحمل تأثيراتها أيضا، ثم إن اللغة تعبير عن مفهومنا الشخصي للعالم، للذات، وللآخر، وهي حامل معرفي يصلنا بما قبلنا، وينسج شخوصنا وطباعنا ورؤيتنا وسلوكنا.

وتلفت إلى أننا حين نقرأ رواية أو قصة فإننا نعيش انفعالات شخوصها ونتأثر بأحداثها فنكره أو نحب، نفرح أو نحزن، نقف مع هذا ضد ذاك، ونناصر تلك الشخصية ونعادي غيرها، ويحدث أن نتبنى موقفا أو سلوكا لأحد الشخصيات ونمارسه في حياتنا الواقعية كما لو أنه موقفنا، أو سلوكنا الشخصي، وهذه الحالات التي نمر بها أثناء القراءة تتباين بين القوة والضعف، والانحياز أو الحياد، وفق روح اللغة ومفرداتها وتراكيبها وأسلوب صياغتها التي سبك بها الكاتب عمله، فالعلاقة بين الصياغة والموضوع علاقة وشيجة وحقيقية، لا ندركها بسهولة في علاقتنا العابرة باللغة والقراءة، والإنسان عامة حين يستخدم اللغة كوسيلة تعبير وتفكير، لا يولي حركة الكلمة وإيحاءها وما يتولد عن علاقة الكلمات والأدوات ببعضها من تأثير انفعالي أي اهتمام، إذ يسلم عادة بحكم التلقين والتداول وثبات المصطلح والدلالة، ويتجاهل التأثير الإيحائي للغة في اهتمامه بالموضوع، ودون أن يتساءل عما إذا كانت الكلمات والأساليب تخدم غاياته وتصوراته ومبادئه، وهذا ما نلاحظه في حياتنا الثقافية العامة حين نجد شخصا يقول بأمر ويفعل غيره، أو يستخدم في كتابته صيغاً وأساليب لغوية وهو لا يقصد معناها بدقة، وقد تتعارض مع مقصده أو تربكه.