+A
A-

إلزام وزارة "البلديات" أن تدفع لموظف فيها مبلغ 43 ألف دينار

ألزمت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني، أن تدفع لصالح أحد موظفيها رواتبه التي امتنعت الوزارة عن صرفها منذ العام 2016 وحتى تاريخ رفع الدعوى، والبالغ مقدارها 43 ألف دينار، ورفضت تعويضه عن الأضرار الناتجة عن ذلك لأن إلغائها للقرار السلبي جاء مع ما يترتب عليه من آثار، كما رفضت تعديل وضعه الوظيفي لأن الموظف لم يقدم أية مستندات تثبت أحقيته بهذا الطلب.

وقالت المحكمة إن وقائع الدعوى تتمثل في أن المدعي هو أحد العاملين لدى وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني، وأن الوزارة امتنعت عن صرف راتبه الشهري اعتبارًا من شهر يوليو 2016 حتى تاريخ رفع الدعوى؛ دون إبداء الأسباب المبررة لذلك.

وقد تقدم المدعي بتظلمين إلى جهة الإدارة، ولكن دون جدوى، فرع دعواه مطالبًا إلزام الوزارة أن تدفع له مبلغًا وقدره 50 ألف دينار، قيمة الرواتب المستحقة له في الفترة من يوليو 2016 حتى يناير 2018، مع فائدة قدرها 10% من تاريخ الاستحقاق حتى تمام السداد، وكذلك بتعديل وضعه الوظيفي.

وبيّنت المحكمة في حيثيات حكمها أنه عن موضوع الطلب الأول للمدعي بإلغاء قرار المدعى عليهما السلبي بالامتناع عن صرف راتبه خلال الفترة من يوليو 2016 حتى يناير 2018، فإنه من المستقر أن قواعد الإثبات مبنية على أن تكون البينة على من ادعى، إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه لا يستقيم في سائر المنازعات وبصفة خاصة في المنازعات الإدارية، خاصةً مع احتفاظ الجهة الإدارية بالأوراق والوثائق والمستندات ذات الأثر الحاسم في المنازعات، في حين يقف الطرف الآخر وهو المدعي أعزَل من هذه الأدلة، الأمر الذي يفتقد معه التوازن والتكافؤ المفترض بين أطراف الدعوى الإدارية.

كما أن عبء الإثبات في الدعاوى الإدارية ينتقل إلى المدعى عليه وهي الجهة الإدارية، فبات عليها إثبات عدم صحة الوقائع الواردة بلائحة الدعوى أو الطعن، بينما يكتفي المدعي بالقول بوجودها وتأكيدها.

ولما كان ذلك، وكان الثابت أن الجهة الإدارية المدعى عليها تقاعست عن بيان سبب امتناعها عن صرف راتب المدعي خلال الفترة من يوليو 2016 حتى يناير 2018، رغم قيام المدعي بالتظلم من ذلك بموجب التظلمين المؤرخين 9/8/2017، 25/10/2017، ورغم تكليف المحكمة لها ببيان سبب عدم صرف راتب المدعي خلال الفترة المذكورة، ومن ثم يغدو القرار المطعون عليه بالامتناع عن صرف راتب المدعي خلال الفترة يشوبه البطلان.

وتابعت، أنه يتعين بسبب ذلك إجابة المدعي لطلبه والقضاء لصالحه بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب عليه من آثار، أخصُّها إلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعي مستحقاته من الراتب خلال هذه الفترة المقدرة بـ19 شهرًا، ولما كان راتب المدعي وفقًا لكشف الراتب المرفق بملف الدعوى 2263 دينارًا و870 فلسًا، ومن ثم يكون مستحقه من الراتب خلال الفترة، المذكورة 43 ألفًا و13 دينارًا و530 فلسًا.

وأضافت أنه فيما يتعلق بالفوائد القانونية، فلا موجب لها من القانون ومن ثم تلتفت عنها المحكمة.

وحيث أنه عن طلب المدعي تعديل وضعه الوظيفي واحتساب جميع العلاوات (علاوة المواصلات وتعديل علاوة الهاتف) والترقيات التي لم تحتسب خلال الفترة من 2012 حتى تاريخه، فقد خلت الأوراق من بيان سند ذلك، ولم يقدم المدعي ثمة دليل على أحقيته في هذا الطلب، بما يغدو معه ذلك الطلب قائمًا على غير سند من القانون جديرًا بالرفض.

أما بشأن طلب المدعي للتعويض، فقالت المحكمة إنه المقرر أن إلغاء القرار الإداري غير المشروع فيه جبر لأية أضرار مادية أو أدبية تكون قد لحقت صاحب الشأن باعتبار أن التعويض، وإن كان الأصل فيه أن يكون تعويضًا نقديًا، إلا أنه من المسلَّم به أن التعويض بمعناه الواسع، إما أن يكون تعويضًا عينيًا وهو التنفيذ العيني، وإما أن يكون تعويضًا بمقابل، والتعويض بمقابل إما أن يكون تعويضًا غير نقدي أو تعويضًا نقديًا.

ولما كان ذلك، وانتهت المحكمة فيما تقدم إلى إلغاء القرار المطعون فيه بالامتناع عن صرف راتب المدعي خلال الفترة المذكورة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وكان في ذلك جبرًا لأية أضرار مادية أو أدبية تكون قد لحقت بالمدعي من جراء ذلك القرار، الأمر الذي لا يكون معه محل للقضاء بالتعويض النقدي والذي يغدوا قائمًا على غير سند من القانون وجديرًا بالرفض.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بإلغاء قرار المدعى عليهما بالامتناع عن صرف راتب المدعي خلال الفترة من يوليو 2016 حتى يناير 2018، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزامهما بأن يؤديا للمدعي مبلغًا وقدره 43 ألفًا و13 دينارًا و530 فلسًا، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت المدعي والمدعى عليهما المصروفات مناصفة بينهما.