+A
A-

السعداوي.. نصوص متناهية الأصوات والجوقات

كعادته دائما في الرحيل إلى مدن المسرح، قدم المخرج القدير والأب الروحي للمسرح التجريبي في البحرين عبدالله السعداوي أمسية جميلة كان يفترض ان تكون تحت مسمى "ندوة عن المسرح التجريبي" بأسرة الادباء والكتاب إلا أن السعداوي شده سحر هوى التجريب وعطر بريخت وهنريك ابسن وأرثر ميللر وقدم نصوصا مسرحية شارك فيها قراءتها كل من ليلى سلامة ونادية الملاح وحسين ابو صفوان وكريم رضي وأدار الأمسية الفنان خالد الرويعي. كانت ابيات قليلة، نقطة من بحر زاخر من ابداع مسرحي عميق المضمون عميق التأثير، رائع الوهج.

وفيما يلي نقتطف بعضا من تلك النصوص متناهية الاصوات والجوقات والمشاهد الحركية والإيمائية.

النص الأول :

رئيس الجوقة: على أي أمر فظيع أقدمت؟ كيف وجدت الشجاعة التي مكنتك من إطفاء عينيك؟ أي إله دفعك إلى ذلك؟

أوديب: دفعني إلى ذلك أبوللو.. نعم أيها الصديق، صهو مصدر آلامي التي لا تطاق.. ولكن لم يفقأ عيني إلا أنا وحدي الشقي.

النص الثاني :

كورني

يجب أن أنتقم لأبي، فإن أفعل أفقد ريحانة روحي. منازعة تحفظ قلبي وأخرى تصد ذراعي، أفضيت إلى الاختيار الأليم بين خيانة هواي أو الرضا بالهون، وفي كلا الجانبين مصابي وراء كل مصاب، وارحمتاه لي من تأنق هذا العذاب.

الكلاسيكيون أضافوا عواطف أخرى كالحب والبغض، والعواطف العالية كتقديس الواجب وإجلال البطولة، فلم تعد تثير عاطفتين فقط، بل عواطف النفس البشرية المختلفة.

وأرست بذلك قواعد الأخلاق والدين ووضعت بذلك حدًا لتلك المعتقدات الوثنية التي أثارها العقل اليوناني بحثًا منه عن حقيقة الكون، وجعلت أهل العصر لا يبحثون عن مصير الإنسان نهايته ومحنته.

النص الثالث :

"إن المسرح اليوناني لم يكن يخضع إلا للقوانين التي كانت توائمه، بينما مسرحنا يطبق على نفسه ظروفًا غريبة عن روحه كل الغرابة، ولهذا كان للمسرح اليوناني فنه الصادق، بينما كان الفن في مسرحنا فنًا كاذبًا مصطنعًا"

فيكتور هيجو

النص الرابع :

"كل قانون موضوعي يسن ليسار على هديه يتأتى خطوة من أن يجعل من الإنسان عبدًا خاضعًا له"

أبسن

النص الخامس :

نرى في الدراما الحديثة ما ذكره (كروتش) الذي دلل على موت التراجيديا القديمة، وأصبح الإنسان يدرك أنه مخلوق تحركه نوازع وعقد نفسية تتحكم فيه عوامل البيئة والوراثة، مما جعل (تنسي وليامز) يقول: "إنها صرخة كي يبذل الإنسان في محاولة جدية تشمل العالم كله، وتهدف إلى تفهم أنفسنا وزملاءنا في الإنسانية فهمًا أكثر عمقًا لندرك أنه لم يخلق إنسانًا مطبوعًا على الفضيلة أو الرذيلة. وإذا عرف الناس هذه البدهية واستطاعوا أن يتصرفوا في ضوئها، استطاع العالم أن يتغلب على القسوة والعنف والحقد، إني لا أؤمن بالخطيئة الأبدية ولا بأن الإنسان يدفع الدين عنها وليس بين الناس أشرار وأخيار إنما هو الطريق يسير فيه الإنسان- لا باختياره ولكنه يدفع إليه دفعًا بتأثير عوامل نفسية لا يدرك سببها أو بدوافع الحياة وظروفها الملزمة."

النص السادس :

إذا ارتبط العلم الحديث بأسماء مثل (داروين) (ماركس) ثم (فرويد) و(آينشتاين)، فإن الدراما الحديثة ارتبطت بـ (هنريك إبسن) والآبسنية، وأصبحت الآبسنية علاقة الثورة الدرامية في المادة والتكنيك بمعنى أنها تناولت بالتجديد الموضوع والأسلوب وهجرت الموضوعات القديمة التي اصطلح على تسميتها بـ (موضوعات العصر الفيكتوري) بقيمها الزائفة، ونهاياتها السعيدة.

واتجه إلى الوضع الاجتماعي الواقعي ((حتى لقبه ديسموند مكارثي بالمستكشف في أعماق النفس البشرية والبطل لدى آبسن يعاني من جراء تحكم التقاليد والعادات وإذا مات البطل فهذا خلاص له وترك البناء الهندسي للمسرحيات الجيدة الصنع)) التي تتكون من العرض والعقدة والحل واستبدل الحل بالمناقشة التي أصبحت هي محك الكاتب الدرامي.

نورا: وغدًا أقصد بيت أبي حيث نشأت، فهناك من السهل أن أجد ما أشغل به نفسي.

هيلمر: تخريف لا يتصوره العقل.

نورا: يجب أن أتزود بما ينقصني يا تورفالد

هيلمر: أتهجرين زوجك وبيتك وأولادك دون أن تفكري فيما يقوله الناس.

نورا: لستُ أبالي بما قد يقوله الناس، فلا بد لي أن أذهب.

هيلمر: دون اكتراث بأقدس واجباتك؟

نورا: ما هي أقدس واجباتي في نظرك؟

هيلمر: وهل هذه مسألة تحتاج إلى شرح؟ إنها واجباتك نحو زوجك وأولادك.

نورا: لدي واجبات أخرى لا تقل عنها قداسة.

هيلمر: غير معقول. ما هي؟

نورا: واجباتي نحو نفسي.