العدد 3484
الأحد 29 أبريل 2018
banner
ملك الإنسانية وتحمل المسؤولية
الأحد 29 أبريل 2018

لم يكن غريبًا أبدًا أن يتخذ عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، قرارًا بتخفيف عقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد بحق المدانين الأربعة بمحاولة اغتيال المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة الدفاع، فهذا نهج جلي وواضح ومستمر منذ أن تقلد جلالته مقاليد الحكم وتمسك بهذا النهج وأصر عليه، وهو ما ظهر للداخل والخارج منذ الخامس من شهر فبراير للعام 2001م عندما أصدر الملك حمد مرسوما بالعفو عن السجناء السياسيين المتهمين بارتكاب جرائم أمن الدولة، سواء كانوا اعتقلوا أو يواجهون تهما أو محكوما عليهم في البحرين أو بالخارج، وهو ما يؤكد أن البعد الإنساني لصيق بحكم صاحب الجلالة من بدايته إلى وقتنا الراهن.

واللافت في الأمر أن هذا القرار الأبوي الحكيم قد لقي ترحيبا وثناءً دوليا في مقابل ظهور باهت وترحيب خافت من قبل من يقع على عاتقهم جانب كبير من المسؤولية، سواء فيما حدث من جرائم إرهابية وتوريط الكثير من الشباب والمراهقين فيها، أو في التصدي لهذه الجرائم بما لديهم من علم وما لهم من تأثير.

ففي بريطانيا، رحب وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اليستر بيرت بالقرار الصادر عن عاهل البلاد المفدى بتخفيف عقوبة الإعدام.

كما كان مفوض الحكومة الاتحادية لسياسات حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية في المانيا باربيل كوفلر واضحا في ترحيبه بقرار الملك، وفي مطالبته للجميع باتخاذ خطوات بناءة إضافية، والرسالة هنا واضحة للجميع وعلى الأخص رجال الدين الذين أصدروا بيانًا ترك جوهر القضية وهي العنف والإرهاب وأسبابه وراح يتحدث عن أماني وتطلعات يتفق عليها الجميع، لكن تحقيقها يفرض عليهم وعلى من يخاطبونهم بأحاديثهم وخطبهم وبياناتهم القيام بالكثير لأجل الوطن.

فرغم ما حمله البيان من تقدير لقرار جلالة الملك، إلا أنه قد غاب عنه العديد من الأمور التي كان يجب تبيانها من قبل الموقعين عليه تحديدًا للمسؤوليات والمهام التي يتحملها كل فرد وكل مؤسسة لنصل إلى ما يدعو إليه البيان لوطن المحبة والتسامح وإلى وطن العدل والإزدهار.

فإذا كان جلالة الملك المفدى قد واصل نهجه وعفوه وحلمه في قضية من أخطر القضايا التي لا يمكن أن تتهاون فيها أي دولة ممن تدعي دفاعا عن حقوق الإنسان، وإذا كان القائد العام تنازل عن حقه الخاص في هذه القضية التي تمس أمن البلد، في التزام عميق بقيمة التسامح التي لا يقدر عليها إلا الكبار والشجعان، فلنا أن نتساءل عما قدمه وما يقدمه الآخرون الذين يكتفون بترديد البيانات دون أن يقرنوها ويتبعوها بأعمال فعلية وممارسات عملية تعكس تحملهم المسؤولية فيما حدث وفات وعزمهم على القيام بواجبهم فيما هو آت.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية