العدد 3488
الخميس 03 مايو 2018
banner
ما ينتظر المسؤولين
الخميس 03 مايو 2018

هناك من الموظفين من يألم لانتهاء مدة عمل مسؤوله، وعلى عكسه، فهناك من يفرح في انتظار اليوم الذي سيغادر فيه مسؤوله، ربما يكون النموذجان في مكان عمل واحد، لكنهما على مسافتين مختلفتين من مسؤولهما، وربما يكون لكلّ منهما مسؤول مختلف، والاختلاف في كيفية إدارته شؤون المسؤولية والموظفين، وكيفية تعامله مع الموظفين، وكيف يتصرف في الشدائد والملمات، وموقفه مع إدارته العليا إذا تعلق بالأمر بموظفيه: هل يدافع عنهم؟ هل يتحمل المسؤولية؟ هل يتهرب من هذا كله ويلقي عليهم تبعات الأعمال؟ هل يسعى من أجل نيلهم حقوقهم؟ وغيرها من المواقف والأسباب التي تجعل الموظفين يتخذون من مسؤولهم موقفاً قلما كان محايداً ولا مبالياً.

وفي المقابل، عندما يتسلم أي موظف مسؤولية إدارية، يصادف نوعين متطرِّفين من الموظفين في الغالب: الموظف المقاوم، وهو الموظف الذي يأخذ موقفاً سلبياً ورافضاً للمسؤول، يقاوم جميع ما يصدره من تعليمات وتوجيهات، يحاول دسّ العصيّ في عجلات إدارته لمنطقة عمله، يتبرّم، ينقل هذا الشعور إلى غيره من الموظفين، خصوصاً الذين يشاطرونه الشعور نفسه، يحاول، وهم أيضاً، تثبيط الهمم، رفض الأوامر، التّنمّر، التثاقل في أداء المهمات، عدم تنفيذ الأوامر بكفاءة عالية مع القدرة على التنفيذ، اصطناع الحجج للتغيّب عن العمل، استنفاد جميع العطلات التي يتيحها القانون سواء لحاجة حقيقية أم لا، والنتيجة الأقرب إلى الحتمية تتمثل في فقدان المسؤول شطرا مهما من القوى العاملة لديه لأنهم قرروا أن يتركوه يحارب وحيداً أو مع مجموعة من المخلصين لفكره، أو المتملقين، ويتفرجون عليه وهو يتعثر ويسقط، وهم لا يحركون ساكناً في انتظار ساعة رحيله التي إما أن تحين بشكلها الطبيعي، أو لأنّ مسؤوليه يرون أنه أقل كفاءة مما اعتقدوا، فيركنونه على جانب معين.

البصّامون، وهو النوع الثاني من الموظفين المتطرفين، هم من يقفون على الطرف الآخر من المقاومين، وهو النوع الذي حباه الله بالقدرة على قول “نعم” للمسؤول في كل منعرج، وهؤلاء على درجتين، الدرجة الأولى الذين يتلقون الأوامر من دون أن يناقشوا ويبدوا الرأي الأصوب بحكم خبرتهم ودرايتهم، إذ إنّ خبرتهم تقول لهم إنه كلما قلّ قولهم (لا) للمسؤول فإنه إما أن يرضى عنهم، أو لا يقلقهم على الأقل، وفي النهاية هو من سيتحمل مسؤولية قراراته.

النوع الثاني من البصّامين، وهو الأكثر تطرّفاً من النوع الأول، وهو الذي يزيّن للمسؤول أعماله، فما إن يقترح المسؤول اقتراحاً لا يكتفي بالموافقة عليه، بل وتحسينه، وتبريره، وتسويغه وتسويقه، وذلك حتى يرضى عنه المسؤول ويتخذه مقرّباً له، وموضع ثقته، وأوّل من ينال الترقيات والمكافآت وإن كان لا يستحقها.

النوعان يستنزفان الطاقات، ويعرقلان الإنجازات، ويسممان الأجواء، ويحتاجان إلى حفر عميق في النفسيات لإخراج الخبأ منها الذي لا يجعل الموظفين يكونون أنفسهم فقط، ولا يجعل أجواء الأعمال صحّية ومنتجة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية