+A
A-

القاضي أمل أبل تنال شهادة الدكتوراه

في ظل الرعاية الملكية السامية... مكسب آخر من مكتسبات المرأة البحرينية في السلطة القضائية والمجال القانوني

 

في مكسب آخر من مكتسبات المرأة البحرينية في السلطة القضائية والمجال القانوني، نالت القاضي أمل أحمد عبدالله أبل قاضي بمحكمة الاستئناف العليا المدنية شهادة الدكتوراه من جامعة البحرين، حيث تقدمت بأطروحتها المتميزة بعنوان "حق المتهم في محاكمة عادلة في التشريع البحريني والمقارن" كجزء من متطلبات الحصول على الدكتوراه في فلسفة القانون العام.

وقد ركزت الدراسة على الأهمية الكبرى لحق المتهم في المحاكمة العادلة وأثرها في القانون الجنائي، حيث يُعد الحق في المحاكمة العادلة أحد أهم حقوق المواطن بشكل عام والمتهم بشكل خاص في الدول المتحضرة، إذ إن المحاكمة التي يتبين أنها غير عادلة في تلك الدول سيكون مصيرها البطلان، ومن ثم إلغاء الحكم الصادر أو إعادتها تبعًا لذلك.

وقالت الدكتورة القاضي أمل أبل في البداية ان المنة لله سبحانه وتعالي الذي أحاطَني بحفظه وبكرمه، ويسر لي كلَّ عسير، وألهمني الصبر واليقين في شق طريقي نحوَ البحثِ العلمي، فله الشكرُ الدائم والحمدُ للهِ ذي الجلالِ والإكرامِ، مصورنا وبارينا سبحانَه وتعالى.

وقالت الدكتورة القاضي أمل أبل حول أطروحة الدكتوراه بانه: يظهر مفهوم الحق في محاكمة عادلة في الكثير من دساتير وقوانين الدول الديمقراطية، كما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 10 أن: " لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة ومحايدة نظرًا عادلًا ومنصفًا علنيًا للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جنائية توجه إليه".

وأضافت: لا شك في أن العدالة الجنائية تفرض النظر إلى المتهم باعتباره إنسانًا، له كرامته وشعوره وكيانه وشخصيته، ومن حقه أن يتمتع بمحاكمة عادلة - أيا كان الفعل المنسوب إليه، وأيا كانت حالته السياسية أو المدنية أو الاجتماعية - في المراحل كافة، سواء مرحلة التحري أو التحقيق أو مرحلة المحاكمة أو مرحلة تنفيذ العقوبة، وهذا ما استدعى أن يكون لحق المتهم في محاكمة عادلة جُل الاهتمام من المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، وكذلك المنظمات والاتحادات الإقليمية، وامتد الاهتمام إلى المنظمات غير الحكومية، وجمعيات حقوق الإنسان ونقابات المحامين في كل الدول.

أهمية الدراسة

تكمن أهمية هذه الأطروحة في أنها تعالج موضوعًا يمس حقوق المتهم في مرحلة من أهم مراحل سير الدعوى الجنائية ألاّ وهي مرحلة المحاكمة، فالمتهم بارتكاب جريمة هو إنسان ذو كرامة يجب أن تراعى فيه صفه كونه متهمًا، فهو بريء حتى تثبت إدانته بحكم نهائي بات، والإجراءات التي تتخذها السلطات المختصة تجاهه محفوفة بالمخاطر إذا ما تجاوزت حدودها في معاملة المتهم، وحماية حق المتهم لا يهدف إلى تحقيق صالح خاص للمتهم فحسب، بل يتعدى ذلك إلى حماية مصلحة المجتمع كله في إظهار الحقيقة وتحقيق العدالة في التعامل بين المواطنين فيه.

ولا شك في أن حق المتهم بالحصول على محاكمة عادلة يرتكز على افتراض قرينة البراءة في المتهم بكل إجراء من الإجراءات التي تتخذ قبله، منذ البدء في جمع الاستدلالات وحتى استنفاذ طرق الطعن في الأحكام، وذلك من أجل ضمان الحرية الشخصية، ويكون ذلك عن طريق الإجراءات التي رسمها القانون ويطبقها قضاة الحق في سبيل الوصول إلى العدالة، ولا يتأتى ذلك إلاّ من خلال المبادئ التي يخطها الدستور في الدولة التي تقدس حرية الفرد وتحترم كرامته وتصون إنسانيته.

منهجية الدراسة

اعتمدت الدراسة على المنهجين، أولًا: التحليلي، وذلك بتحليل النصوص القانونية واستنباط الأحكام وصولًا إلى تفسير واضح للتشريعات محل البحث ومدى انسجامها مع معطيات الحق في المحاكمة العادلة، ثانياً: المقارن وصولا إلى التطبيقات الصحيحة في اعتماد الحصول على المحاكمة العادلة للمتهم، وذلك من خلال المباينة بين نصوص التشريعات المقارنة والتشريع البحريني، ولا شك في أن الاطلاع على تجارب الدول محل المقارنة في مجالات حصول المتهم على محاكمة عادلة وفقا للمعايير الدولية والممارسات الصحيحة، سيسهم في تكوين فكرة جيدة عن حق المتهم في محاكمة عادلة، لتكون تحت بصر المشرّع البحريني حال إعادة النظر في التشريعات القائمة ذات العلاقة بموضوع الدراسة.

بعض الاستنتاجات التي توصلت لها الدراسة:   

·   إن حق المتهم في محاكمة عادلة هو حقٌ طبيعيٌ شخصي ذو طبيعة عامة ويتسم بالعالمية يستهدف عدم افتئآت الدولة على حقوق الأفراد، وهو حق شخصي يلزم وجوده واحترامه من منطلق العدالة وحماية الأفراد في المجتمع ويصب في مصلحة الدولة على حد سواء، ولقد صادف هذا الحق اهتماما دوليا من خلال: الإعلانات الدولية والمواثيق الدولية التي توفر ضمانات مهمة للمحاكمة العادلة، ولا مراء في أن حق المتهم في محاكمة عادلة هو ركيزة أساسية في كل دولة متحضرة.

·   إن حق الدولة في محاكمة المتهم يبرز في حالة ارتكابه عدوانا على إحدى المصالح التي يحميها القانون، وفي المقابل يكون من حق المتهم أن يحاكم بعدالة أو بضوابط معينة تكفل عدالة المحاكمة.

·   إن الاقتناع القضائي هو من أهم المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة حيث إن اختصاص المحكمة بالنظر في القضية على وجه الاستقلالية والحيدة والمساواة لا يأتي إلاّ من خلال تعزيز مفهوم حيدة القاضي في قيامه بواجبه بحيث تكون الأحكام تعبيرًا عن الرأي القانوني في ضوء الوقائع المعروضة عليه، ومن دون تأثير أو تدخل من سلطة قضائية أعلى أو تنفيذية أو تشريعية.

·   إن القاعدة العامة بالنسبة إلى الأدلة من ناحيتها أنها غير محددة إلاّ بطريق استبعاد الدليل الذي يرى المشرّع الجنائي أنه لا يجوز الاستناد إليه كدليل، ومن ناحية أخرى فإنه لم يحدد وسائل استخلاصها إلاّ من خلال القواعد التي وضعها المشرّع على مبدأ حرية القاضي الجنائي في الاقتناع.

بعض ما جاء من توصيات الدراسة:

·   نأمل في أن تنال أبحاث المؤتمرات القانونية اهتمامًا من المجتمع الدولي بشأن مبدأ الشك الذي يفسر لمصلحة المتهم في مرحلة الاتهام والمحاكمة، وامتداد ذلك أيضًا في مرحلة نطاق سلطة الحكم، لكونه من المبادئ التي تقرها جُل الأحكام الجنائية وهي تأسيسه الحكم على الجزم واليقين بدلًا من الشك والتخمين.

·   نرى ضرورة إعداد القاضي الجنائي إعدادًا خاصًا يؤدي إلى إلمامه بالعلوم الجنائية وفروعها المتعددة، بحيث تتاح له فرص اكتساب الخبرة، وتتاح له فرص الإلتجاء إلى المتخصصين والخبراء في الحالات التي تقتضي ذلك، بحيث يوازن بين مصلحة المجتمع وحرية الفرد بما منحه القانون من سلطة تقديرية واسعة في مجال تحديد العقوبات كمًّا ونوعًا مراعيًا في ذلك مدى فاعليتها للمذنب من جهة والهيئة الاجتماعية من جهة أخرى في خوضه لظروف جرائم على قدر كبير من التعقيد.

·   نوصي بضرورة الاهتمام بالتدريب والتعليم المستمر للقضاة وأعوانهم بكل فئاتهم باعتبارهم العنصر الأساسي لتحقيق العدالة، مع متابعة وتقويم نظم التدريب لتلافي السلبيات، ولا شك في أن معهد الدراسات القانونية والقضائية – بحسبانه ركيزة مهمة في مجال تدريب القضاة وتطوير مهاراتهم - يمكنه المساهمة في ذلك، كما يمكنه الاستعانة بأصحاب الخبرات والتركيز على الجانب العملي من خلال طرح القضايا الواقعية وخاصة المتعلقة بالتكنولوجيا الحديثة كغسل الأموال والجرائم الإلكترونية، وأيضا بضرورة الاهتمام بتدريب المحامين المستمر باعتبارهم عنصرًا مهمًا من عناصر تحقيق العدالة.

·   نقترح أن ينص المشرّع البحريني صراحة على حق المتهم في محاكمة ناجزة في صلب الدستور وحيث كان يتعين وضع تنظيم تشريعي لهذا الحق، وكان لا بد من أن يتناوله الدستور البحريني من خلال تفصيل يوضح تعريف المحاكمة الناجزة، والمدد اللازمة بها، ومدى أثر مخالفتها وانتهاكها في حق المتهم بالحصول على محاكمة عادلة.

شكر وثناء

وقالت الدكتورة أمل أبل "من لا يشكر الناس لا يشكر الله"، وبذلك تقدمت الدكتورة أمل أبل الشكر والثناء الى كل من:

·   جامعة البحرين التي كانت سبّاقة في استقطاب أبناء الوطن، وتزويدهم بكل ثروة حقيقية ومعرفة أصيلة لرفعة الأوطان وعزتها، والشكر موصول إلى عمادة كلية الحقوق بعميدها الأستاذ الدكتور صبري حمد خاطر، ورئيس قسم القانون العام الدكتور محمد الهيتي ونصائحهما الهادفة وما بذلاه من جهد صادق في سبيل انجاز هذه الاطروحة.

·   الاستاذ الفاضل المشرف على الأطروحة الدكتور/ سعد صالح شكطي الجبوري أعضاء لجنة المناقشة الموقرين لتكرمهم بالموافقة على مناقشة الرسالة المتواضعة

·   معالي الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة رئيس المحكمة الدستورية (نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس محكمة التمييز الأسبق

·   معالي الشيخ خالد بن علي بن عبدالله بن خالد آل خليفة وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف على دعمه لأعضاء السلطة القضائية.

·   معالي المستشار عبدالله بن حسن البوعينين رئيس محكمة التمييز – ثائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء على الدعم اللامحدود لطلبة العلم من أعضاء السلطة القضائية في مملكة البحرين

·  سعادة النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين الذي كان له الفضل في التوجيه.

·   الأستاذة حياة قاروني الأخصائية بمكتبة جامعة البحرين والسيد محمد مكي خبير تقنية المعلومات بالمحكمة الدستورية والعاملين بمكتبتها العامرة، وكل من كان له بصمة في هذا العمل المتواضع.

·   أعضاء لجنة المناقشة الموقرين لتكرمكم بالموافقة على مناقشة الاطروحة.

·   الحضور الكرام - وعلى رأسهم سعادة المستشار عبدالله بن حسن البوعينين وسعادة عميد كلية الحقوق الأستاذ صبري حمد خاطر وسعادة المستشارين الأفاضل الذين تكبدوا عناء الحضور ولكل الأخوة والأخوات الذين حضروا المناقشة.