+A
A-

الاتفاق النووي.. شركات أوروبية ستخضع لعقوبات أميركا

العقوبات الأميركية التي سيتم إعادة فرضها على إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي تستهدف قطاعات الطاقة والمواصلات والبنوك الإيرانية، لكنها تؤثر أيضا على الشركات الأجنبية التي لديها استثمارات أو تبيع بضائعها في إيران، والتي ستجد نفسها في مأزق تضطر فيه إلى الاختيار ما بين التعامل مع الولايات المتحدة أو مع إيران.

مستشار الأمن القومي جون بولتون قال في مقابلة مع شبكة أي بي سي الأحد "لماذا ترغب أي شركة، أو أي مساهمين في شركة، التعامل مع الممولين الرئيسيين للإرهاب الدولي"؟
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قال في مقابلة على شبكة فوكس الأحد "منظومة العقوبات واضحة جدا في متطلباتها" ولم يستبعد فرض عقوبات على شركات أوروبية.
"العربية.نت" حاورت محاميين يعملان في مجال الالتزام بالعقوبات حول أهم هذه التغيرات.

كيف ستؤثر العقوبات على الشركات الأميركية والأوروبية التي قامت بالاستثمار في إيران بعد توقيع الاتفاق النووي عام 2015؟

أعطت الحكومة الأميركية مهلة للشركات الدولية التي تتعامل مع إيران تتراوح ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر لقطع علاقاتها التجارية مع إيران وللخروج من ذلك السوق.

سكوت فليكر وهو محام يختص بضوابط التجارة الدولية في شركة المحاماة بول هيستيجنز يقول إن العقوبات التي ستتم إعادة فرضها ستؤثر بشكل أساسي على الشركات غير الأميركية وذلك لأن العقوبات التي رفعت بعد تمرير الاتفاق النووي لم تؤثر على القوانين التي تمنع الأميركيين من التجارة مع إيران أصلا، بل أثرت على ما تسمى بالعقوبات الثانوية التي كانت تعاقب الشركات غير الأميركية التي تستثمر في إيران.

ويؤكد فليكر "الاستثناء هو الشركات الأجنبية التابعة لشركات أميركية، والتي كانت مستثناة من القوانين التي تمنع الشركات الأميركية من التعامل مع إيران. الآن يجب على هذه الشركات التابعة أن تنهي علاقاتها التجارية مع إيران".

ويتابع "استثناء آخر هو شركات الطيران مثل بوينغ التي كان من المفترض أن تبيع طائرات لإيران بمبلغ عشرين مليار دولار. إعادة فرض العقوبات سيعني أن هذا العقد سيلغى".

ولكن كيف تستطيع الولايات المتحدة أن تمنع شركات أجنبية غير موجودة تحت سيطرتها من الاستثمار في إيران؟

يقول المحامي فليكر "الحكومة الأميركية قررت استخدام قوة الاقتصاد الأميركي لتطبيق أهداف سياستها الخارجية.. تستخدم الولايات المتحدة (عصاتين) لمنع الشركات الأجنبية من التعامل مع إيران، فهي من ناحية تهدد الشركات التي تبيع بضائعها في إيران من فقدان قدرتها على بيع بضائعها في الولايات المتحدة، والتي هي سوق أكبر من إيران.

ومن ناحية أخرى، تمنع الولايات المتحدة الشركات التي تتعامل في إيران من فتح حسابات بنكية تتعامل بالدولار. نتيجة الأمر هو أن البنوك الدولية ترفض التعامل مع الشركات التي تستثمر في إيران خوفا من غرامات كبيره قد تفرضها الخزينة الأميركية عليها.

ماذا عن الحكومات الأوروبية التي تقول إنها لا زالت ملتزمة بالاتفاق النووي.. كيف ستجبر شركاتها على البقاء في السوق الإيراني رغم كل هذه العقوبات الأميركية؟

الدول الأوروبية فقد تحاول، لأسباب سياسية أولا، أن تضغط على شركاتها لإبقاء استثماراتها في إيران لإقناع النظام في طهران بالالتزام في الاتفاق رغم خروج الولايات المتحدة منه. ويكون ذلك عبر تطبيق قوانين تمنع شركاتها من الالتزام بالعقوبات الأميركية عبر ما يسمى بقوانين منع المقاطعة.

أما كريستوفار سويفت وهو محام مختص في ممارسات تطبيق العقوبات في شركة المحاماة فولي يقول إن هذه القوانين صعبة ونادرة التطبيق "ليس هناك ما يجبر الشركات على الاستثمار في أسواق بعينها أو الانسحاب من عقود أو دول معينة".

ما هي أكبر الشركات التي ستتأثر بسبب العقوبات؟

الشركات الكبرى هي شركات فرنسية وألمانية، مثل شركة النفط الفرنسية توتال التي كانت قد وقعت عقدا بمبلغ خمسة مليارات دولار للاستثمار في حقل للغاز الطبيعي في إيران. هناك أيضا شركة الطائرات أيرباص التي لديها عقد بمبلغ مليارات الدولارات لبيع طائراتها لإيران. شركة فولكس فاجن الألمانية عادت إلى بيع سياراتها في السوق الإيرانية.

السفير الأميركي الجديد إلى ألمانيا غرد مؤخرا قائلا "الشركات الألمانية التي تعمل في إيران عليها أن تبدأ في إنهاء أعمالها هناك بشكل فوري".

لكن المحامي سويفت يقول "الاستثمارات الأوروبية في إيران ليست بالحجم الذي نتوقعه، فإيران هي سوق للصادرات أكثر من أي شيء آخر، حيث إن البنوك الأجنبية التي كان من المفترض أن تزيد من الاستثمارات في إيران كانت تخشى ذلك بالأصل لأن النظام البنكي العالمي مرتبط بشكل أساسي بأميركا."

هل ستنجح العقوبات الأميركية الأحادية في الضغط فعلا على إيران وحثها على إعادة التفاوض مع الولايات المتحدة؟

مناصرو الاتفاق النووي مع إيران يقولون إن نجاح العقوبات سابقا في دفع النظام في طهران إلى طاولة المفاوضات كان بسبب الضغط الدولي- الأوروبي والأميركي، ولكن أيضا الصيني والروسي. أما الآن فإعادة فرض العقوبات بشكل أحادي سيسمح لأطراف دولية أخرى بملء الفراغ.

المحامي سويفت يقول إن "الشركات الأوروبية التي ستنسحب من الاستثمارات الإيرانية ستحل محلها شركات صينية وروسية، خاصة وأن ارتباط هذه الشركات بالسوق الأميركية- والنظام المصرفي الأميركي- أقل بكثير من الشركات الأوروبية، وستكون أقل عرضة للتأثر بالعقوبات الأميركية.

أما المحامي سكوت فليكر فيقول "ستنجح العقوبات لأن حجم الاقتصاد والنظام المصرفي الأميركيين كانا الدافعين اللذين ضغطا على أوروبا للانضمام لنظام العقوبات بالأصل. وستواجه الشركات الأوروبية خيارات صعبة من قبل حكوماتها للاستمرار في التعامل مع إيران رغم التهديدات الأميركية بفرض غراماتها وعقوباتها عليها".