العدد 3500
الثلاثاء 15 مايو 2018
banner
حديث المقايضة (1)
الثلاثاء 15 مايو 2018

يحمّل الإسرائيليون رئيس سوريا «السابق» بشار الأسد فوق طاقته وقدراته وإمكاناته، وكأنهم في مكان ما يريدون منه إطلاق النار على رأسه وإكمال المهمّة التي بدأها في ذلك الآذار من العام 2011 في حق سوريا وأهلها ومؤسساتها وبُناها وعُمرانها.
يقايضونه علناً بين أن يبقى في مكانه ولو كخيال صحراء، أو أن يخرج من الإيرانيين! مع أن أفيغدور ليبرمان وغيره في دوائر صنع القرار الإسرائيلي، يعرفون تماماً وبالتفصيل الممل (أم ماذا؟!) كل ما يجري عند الأسد وفي دائرته الأولى، مثلما يعرفون ما يعرفه جميع خلق الله، من أن ذلك المخلوق ضيّع القرار في كل شأن سوري، لمصلحة الإيراني من جهة والروسي من جهة أخرى! وأنه في العموميات والتفاصيل صار أسيراً لمَن أنقذه ودفع الأرواح والسلاح والمال في سبيل ذلك! وأنه مُطالب بدفع أثمان لم يعد يملكها في كل حال!
لكن الكلام الإسرائيلي فضّاح ومُحرج، ويمكن عرضه في سياق بيان المحاججة مع كل أهل «ممانعة» آخر زمن: كأن ليبرمان يُطالب الأسد برَدّ دَيْن في رقبته، ويقول بالفم الملآن إن بقاءه في مكانه هو قرار إسرائيلي قبل أن يكون قراراً إيرانياً أو روسياً، وأنه لولا ذلك لما انكفأ الأميركيون أولاً! ولما نزل الروسي على النكبة السورية ثانياً! ولما أمكن لمسار هذه النكبة أن يبلغ الذرى التي بلغها، لا على مستوى تحطيم سوريا دولة وكياناً ومؤسسات، واحتمالات عسكرية أو أمنية، ولا على مستوى إعادة «تشكيل الوعي» الجماعي لمصلحة تظهير أولويات معاكسة لسردية النزاع العربي – الإسرائيلي، وتقديم مبرّرات حسّية دموية وقيمية وأخلاقية لذلك!
يعرف الإسرائيليون، مثل غيرهم وأكثر، أن النظام الأسدي لم يعد قادراً على تلبية شروط ومتطلبات وظيفته الأولى بحماية «حدوده» من جهة الجولان المحتلّ! والمحافظة على الهدوء الجليدي الذي ميّز مناخها منذ الحرب الأخيرة في 1973، والذي سمح لتل أبيب بإكمال مقوّمات السيطرة على تلك المرتفعات، بهدوء ورويّة وعلى البارد، بدءاً من قوننة الضمّ أيام مناحيم بيغن وصولاً إلى إنشاء بنى استثمارية قصيرة وبعيدة المدى، وبعضها، مثل صناعة النبيذ، صارت له شهرة عالمية!. «المستقبل».

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية