العدد 3503
الجمعة 18 مايو 2018
banner
في المزايدة المُمانِعَة (1)
الجمعة 18 مايو 2018

يمكن ارتكاب الوهم والزّعم والتقصير والتطويل في سياق محاججة أهل الممانعة في نواحينا، ويمكن الركون بهدوء وقنوط إلى ظواهر البلاء الفتنوي الضارب والسارح على مداه لتثبيت الحكم الذي يُحمِّل أهل المشروع الإيراني جلّ المسؤولية عن عصر “الاقتدار” و”الانتصار” الراهن، ويمكن بعد ذلك الحضّ على شحذ الهِمم ودبّ الصوت وتدبير الحال دفاعاً عن النفس في مواجهة ذلك المشروع ومصائبه، ويمكن أكثر من ذلك، الارتداد إلى الزوايا الغرائزية تماشياً مع “ضرورات” النزال وشروطه وساحاته، ثم استمطار اللعنات على من أوصلنا إلى هذا الدرك.
لكن فوق ذلك بعموميّاته وتفاصيله، هناك شيء حسّي ملموس وفاقع اللون والشعاع، لا يمكن سوى عرضه بأوضح تبسيط ممكن، بعيداً عن الأخذ والردّ والنقاش والكباش: إذا كان البيان الممانع يعتبر المجموع العربي والإسلامي الأكثري، قاصراً أو متنازلاً أو مُهادناً، أو مسالماً، أو مستسلماً، أو عاجزاً أو قانعاً وقابعاً، أو “متآمراً” أو لا يعرف “أصول الجهاد في سبيل البلاد”، أو يفضّل المقاولة على “المقاومة”، وإذا كان المجموع الممانع “الإيراني” في المقابل قادراً مناضلاً مقاتلاً مقاوماً يرفض الإذعان والخنوع والخضوع ويعرف أصول الجهاد في مواجهة الأعداء الصهاينة والأميركيين: ويعرف التفريق بين الصحّ والغلط والمهم والأهم ويرطن على مدى الأيام والساعات والثواني بفلسطين وأهلها وقدسيّة قضيتها ومركزية تلك القضية وأولويتها وريادتها، فلماذا لا يفتح النار على الإسرائيليين؟! ولماذا لا يُشعلها “حرباً مقدّسة” ضدّهم؟! ولماذا لا يهبّ بفيالقه وعسكره وصواريخه دفاعاً عن أهل غزة؟! ولماذا لا تُبادر طهران باعتبارها “عاصمة الممانعة” إلى قطع العلاقات مع الغربيين، وإعدام محاولات إعادة التواصل مع الأميركيين، ووقف ندب “الاتفاق النووي” معهم؟! ولماذا لا يُسأل الكرملين عن طبيعة “العلاقة الحميمة” بينه وبين قادة الكيان الصهيوني الغاصب؟! ولماذا في الأصل، لا يُبادر إلى تغليب الأساسي على الفرعي ويعمل من جهته “الصادقة والحريصة والريادية” على الأقل، على إقفال المعارك في صفوف المسلمين لأن الأولوية والمركزية هي لفلسطين وقضيتها وقتال الصهاينة وداعميهم؟! بل لماذا لا يخجل ولا يستعيذ بالله إزاء شرور البلاء “الداخلي” المستفحل بل يفعل العكس؟ ولا يكاد يقفل صالة أفراح حتى يفتح واحدة أخرى احتفالاً “بانتصاراته” و”إنجازاته” و”بطولاته”؟!. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .