العدد 3518
السبت 02 يونيو 2018
banner
“تكريم ولا أروع”
السبت 02 يونيو 2018

طالعتنا الصحف المحلية وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي بخبر غاية في الإثارة عن شاب مهاجر من جمهورية مالي أنقذ طفلاً فرنسياً كان على وشك السقوط من شرفة منزله بالطابق الرابع بطريقة بطوليّة، وعلاوة على الشجاعّة الكبيرة، إلا أن أهمية الخبر تكمن في سرعة تجاوب الرئيس الفرنسي الذي استقبله بكل حفاوة ومنحه الجنسية الفرنسية وأصدر أوامره بضمه إلى جهاز الإطفاء لما يتحلى به من مهارات.

كان للخبر وقع جميل على كل من تابعه، وتفاعل الناس كثيراً مع عملية الإنقاذ التي كانت تحبس الأنفاس، وكذلك تفاعلوا مع اللفتة السريعة للرئيس الفرنسي، كانت بالفعل بادرة ذكية فيها الكثير من قيم وفنون الإدارة.

أود في هذا المقال أن أسلط الضوء على بعض فنون الإدارة، وكيف يمكننا خلق ثقافة روح الفريق الواحد بين العاملين في المؤسسات المختلفة، ومدى أهمية أن يكون القائد محنكاً وكريماً وحكيماً في إبراز الأشخاص الذين يستحقون التقدير والتكريم، وضرورة تقديم التكريم اللائق لهم أمام الآخرين.

قد يكون التكريم معنوياً في بعض الأحيان، ولكن له مفعول السحر على من يتلقاه، وقد تكون مبادرة الحكومة الفرنسية هنا قد ضربت أروع الأمثال في كيفية صنع حدث استفاد منه الطرفان، ولدينا في المملكة الكثير من المواقف المشابهة التي لابد من ذكرها تعزيزاً للتفكير الإيجابي، فقد قرأنا وشاهدنا من خلال التواصل الاجتماعي الزيارة الكريمة والمفاجئة التي قام بها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة الممثل الشخصي لجلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب لبائع السمك البحريني محمد فلامرزي، حيث أوضح سموه أنه حضر بتوجيه من جلالة الملك، وقام بتكريم الشاب البحريني بالعديد من المكرمات السخية التي كان لها وقع كبير ليس على بائع السمك فحسب، بل على جميع البحرينيين الذي ثمنوا عالياً هذه المبادرة الرائعة.

إذا أردنا أن نخلق فريقاً متجانساً ونزرع فيه الإخلاص لمؤسسته علينا العمل جدياً على خلق تلك الثقافة، أعرف شخصياً مؤسسات بحرينية حققت الكثير من النجاحات والإنجازات على المستوى المحلي والخليجي والإقليمي والدولي بفضل إدارتها الجيدة، وعملها الدؤوب على خلق ثقافة العمل بروح الفريق الواحد، والأمر ذاته على مستوى مؤسسات الدولة.

كنت قد كتبت في مقال سابق أنه من الضروري جداً إبراز وتكريم المتميزين بشكل لائق مادياً ومعنوياً وإعلامياً، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوّة هنا، هل هذه الثقافة المؤسسية صعبة التطبيق؟ بالطبع لا، إنما نحن بحاجة لفهم أهمية هذه الثقافّة في زيادّة الإنتاجية، وفي المقابل يجب أن لا نغفل تطبيق اللوائح في من يُلحق الضرر بالعمل ويتجاوز أخلاقياته سواء بالاستغلال أو تحدّي القوانين والأنظمة، وبذلك نكون قد حققنا الإنصاف للجميع. والله من وراء القصد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية