العدد 3522
الأربعاء 06 يونيو 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
بلوك!
الأربعاء 06 يونيو 2018

في زمن لم تعد تأمن فيه على نفسك من الاختراق، في زمن لا تدري من أية نافذة سيخرج عليك فلان وفلانة؛ من الفيسبوك، أم تويتر، أم الإنستغرام، أم الواتس آب... في هذا الزمن المفضوح حتى النخاع؛ والناخر في  خصوصياتنا، والمكشوف حدّ المهزلة للجميع! كيف سنحمي ذواتنا من الفضوليين؛ فبعض الذين نعرفهم يتحولون إلى مزعجين، فكيف بالذين لا نعرفهم، من الذين ينادوننا بأسمائنا، وكأننا نعرفهم من الماضي السحيق؛ وزد على ذلك يستنكرون عدم ردودنا، أو تجاوبنا معهم!

آه يا زمن! كنا في الماضي نرفض الدخول من النوافذ، وندعوا طالب القُرب – مثلًا - للدخول من الأبواب، في تعبير عن الدخول الواضح، والطبيعي؛ وفي تأكيد للمعنى القرآني الذي يدعو إلى دخول البيوت من أبوابها؛ فالباب – حسب عُرفنا الذي يكاد يندثر قريبًا - هو المدخل المشروع، وغيره من المداخل باطل، أو غير معترف به، فكيف بنوافذ السوشال ميديا اليوم التي لا يبدو أن لها خاتمة! فكل يوم يطلع علينا برنامج جديد؛ بنافذة جديدة على الناس، والعالم؛ في صرعة غير طبيعية لما يسمونه “العولمة”!

وما عليك إلا أن تضغط الزر، وتقبل الاتفاقية التي غالبًا لا يقرأها كثيرون؛ لتكشف للجميع، وتشاركهم – شئت أم أبيت - موجة العولمة! هذا الكلام ليس جديدا علينا، معظمنا يعلم ذلك، ولكن معظمنا لا يملك قراره؛ بوقف حد لبعض مهازل هذه الموجة، والحل بسيط: بلوك!

هناك حل دائمًا لكل المزعجين في عالمنا، لكل مَنْ يفرض عليك نفسه فرضًا، للمتصلين غير المرغوب فيهم، لكل الأماكن التي تخنقنا، وكل الأشياء، والأدوات...؛ بلوك! تَعلّم أن تضغط بلوك، وتغلق كل النوافذ التي تفتح عليك الرياح العاتية، لا تعرف مصدرها، ولا تدري متى سيتوقف إعصارها!

الحياة تعلمنا يوميًا؛ أن المجاملات في هذه المواقف؛ مدمرة على المستوى البعيد، وأن مراعاة مشاعر المزعجين أسوأ ما يمكننا فعله؛ وأن التعذر بطيبتنا؛ أصبح حيلة العاجزين، الذين استمرأوا هؤلاء الحمقى، وتلك الأشياء البغيضة، وكل ردود أفعال هؤلاء الطيبين: الله يسامحهم! وأنتم؟ ستسامحونهم؟!  ثم ماذا بعد؟ أم ستتعاطفون معهم، وتتركونهم يفسدون بقية حياتكم الدنيا!

إن كل عبارة تُوجه لكم؛ بالاتصال، أو الرسالة، أو التواصل المباشر، وتتضمن إيذاءً شخصيا، أيًا كان نوعه، وكل نكتة بذيئة تتسلمونها بإحدى تلك الطرق، وتخالف قيمكم أو تمس كرامتكم؛ من شخص بليد جاهل، وكل صورة لا تقبلون بها، وتصلكم تحت أي ظرف أو طريقة... إنها تشكل في مجموعها عملية اختراق، وإساءة، والكلام يطول... فماذا أنتم فاعلون!  نصيحتي: بلوك!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .