+A
A-

دكتورة منى: الطفل المحروم عاطفيًا يجد الحل بمواقع التواصل

عاطفة الآباء وتطوير المهارات يمنع انشغال الطفل الدائم بالهواتف

زيادة المعجبين بسبب مواقف محرجة للطفل يضر بحالته النفسية

استبعاد تأثير مواقع التواصل على أولادنا هروب من الواقع

الأبناء الذين ينشغلون بتقليد المشاهير مدمنون على الإنترنت

 

أكدت خبيرة الطفولة والإرشاد السلوكي دكتورة منى جناحي أن العالم يتغير بسرعة هائلة حول أطفالنا اليوم، وصار بالإمكان الحصول على العلوم المعرفية بأسهل الطرق، وذلك من خلال الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة في حديثها لـ "أضواء البلاد" إلى أن لهذه المواقع تأثيرا على الطفل إيجابا وسلبا، مبينة الحلول الواجب اتباعها للاستفادة منها ومواجهة كل ما هو سلبي، ورأت أن استغلال الأطفال بمواقف محرجة على مقاطع الفيديو ومشاركة تفاصيل حياتهم دون موافقتهم ودون القدرة على الدفاع عن أنفسهم يعتبر استغلالا لهم، وان عاطفة الأهل ووجودهم بالقرب من الأطفال سوف يشغلهم عن استعمال الهواتف بصورة إدمان، وفيما يلي نص الحوار:

ما تأثير مواقع التواصل الاجتماعي (سناب شات- إنستغرام – فيسبوك -وتسب) على الأطفال؟

يواجه أطفال اليوم تحديات كبيرة، فهم يواجهون عالما يتغير بسرعة هائلة وعليهم أن يتعاملوا مع هذا العالم المعقد من خلال ما يتعلمونه في الأسرة والمدرسة من معارف وعلوم معرفية وحياتية، إلا أنّ سرعة التغيير في الحياة وقيمها المتغيرة والجديدة ووصولها إلى بيوتهم بأسهل الطرق وعلى رأسها مواقع التواصل الاجتماعي، يعني أن هناك أطرافا جديدة قد دخلت معادلة التربية، وأصبح لها تأثير يفوق أحيانا تأثير التربية الأسرية والمدرسية.

وفي رأيي، إن استبعاد تأثير هذه الوسائل على الأطفال وإنكارها هو هروب من الواقع المتأصل المدعم بالأدلة فلا فائدة إذن من الإنكار أو الاعتقاد بأن هناك حصونا بإمكانها أن تمنع تأثير وسائل التواصل على الأطفال بشكل تام، وأصبح على المربين الإقرار بأهمية تأثير وسائل التواصل سلبا وإيجابا ومن ثم توعية المجتمع والأسر والأطفال أنفسهم بكيفية الاستفادة من ثورة الاتصالات وأساليب مواجهة جوانبها السلبية، ليس فقط على الأطفال بل حتى على الكبار، فالطفل في نهاية الأمر ينشأ في محيط عائلي معيّن ويراقب ما يحدث حوله وطريقة تعاملهم مع وسائل التواصل ومثل أي سلوك آخر فإن القدوة هي العامل الأساسي في تعلم السلوك الصحيح.

أؤكد لك أن كثيرا من الآباء والأمهات الذين يشتكون من انشغال أطفالهم بوسائل التواصل وتقليد المشاهير هم أشخاص مدمنون على استعمالها بشكل أو بآخر، يطلبون الاستشارة حول طرق إيقاف تأثير التكنولوجيا ويحملون بأيديهم هواتفهم النقالة وينشغلون بها معظم الوقت.

نجد فتيات صغيرات يقلدن البلوغرز والمدونات بالموضة والماكياج وقص الشعر؟ هل هذا طبيعي؟

لربما تلاحظين أن هناك فئة من الناس (الكبار) تسعى للحصول على الاهتمام والبقاء في دائرة الإعجاب من قبل الآخرين بأي ثمن، هذه حاجة فطرية لدى بعض الشخصيات الإنسانية، أما بالنسبة للصغار فإنّ حاجتهم للاهتمام والتعبير عن الحب والإعجاب من قبل الآخرين لهم هو حاجة أساسية ونمائية، لربما هذا يفسر لك اتخاذ بعض الأطفال لوسيلة تقليد البلوغرز للحصول على هذه الحاجة، خاصة أن هناك من الناس من يتابعهم بالفعل ويبدي إعجابه بتصرفاتهم مهما كانت غريبة أو مستهجنة.. يحتاج الأطفال الى الشعور بأنهم مميزون ومستقلون وتلبية هذه الحاجة يجب أن تبدأ من الأسرة والمدرسة، فإن لم يشعر الطفل بتعاطف الآخرين من حوله بالدرجة المشبعة لثقته وتقديره الذاتي لنفسه فما الذي يمنعه من البحث عنه بأسهل الطرق وأعني وسائل التواصل. إن المجتمع شريك في جعل الأطفال يتخذون هذا المسار في التعبير عن حاجاتهم للتقدير والاحترام.

ما رأيك بظاهرة الأهل المتكسبين من مقاطع الفيديو على مواقع التواصل التي يصورون فيها اولادهم؟ خصوصا سمعنا عن تعب ومرض بعد الأطفال وصولا لحالات الوفاة بسبب الإجهاد؟

اعتبر هذه الظاهرة هي نوع من الاعتداء على الطفل وحقه في أن يعيش حياة طبيعية، لا أريد التعميم حيث إن هناك مقاطع لبعض الأطفال تعتبر نموذجا إيجابيا للقدوة الجيدة في الأخلاق والعلم، إلا إن معظم المشاهد المنتشرة في الميديا هي نوع من الاستغلال لعدم قدرة الطفل على الدفاع عن نفسه، ويشبه هذا الاستغلال الطرق القديمة في التكسب من الأطفال كإجبارهم على المشاركة في مسابقات الجمال أو الإعلانات.

لربما هناك الآن طرق أسهل كوسائل التواصل إلا أن جوهر القضية واحد وهو اتخاذ قرار مشاركة يوميات الطفل مع الآخرين دون الحصول على موافقته والتي يصعب بالطبع على الطفل تقديرها نظرا لقلة خبرته الحياتية.

وأضيف لهذه النماذج أيضا قيام بعض الأهل بوضع مواقف محرجة لأطفالهم لتكون مادة للسخرية من قبل روّاد مواقع التواصل والحصول على المزيد من المعجبين على حساب الصحة النفسية للطفل.

أخيرا... نصيحتك للأهل حتى يكون لمواقع التواصل تأثير ايجابي على الأولاد؟

أطفال هذا الزمن على درجة كبيرة من الفهم والوعي، وأي نصيحة لهم يجب أن تنطلق من هذه الحقيقة، ليس من المعقول أن نطلب منهم التوقف عن استعمال الهاتف مثلا أو حتى وسائل التواصل بدون أن يكون هناك نوع من المنطق والعقلانية في هذا المنع، فتحديد العمر والوقت من الأمور الأساسية عند التفاهم معهم حول هذا الأمر مع ضرورة توفير البدائل عند الطلب منهم بعدم الانشغال الدائم بالهاتف مثلا، التشجيع على ممارسة الهوايات في عمر مبكر واتخاذ الحوار وسيلة لمناقشة الأمور الحياتية التي تثير اهتمامهم في وسائل التواصل، ومن المهم جدا تطوير المهارات الحياتية لدى الأطفال وتعليمهم تمثلها عند استخدام وسائل التواصل، مثل الوعي بالاختلافات في الجنس البشري والعرق ومهارات تقبل الآخرين والسيطرة على المشاعر، وتعلم التعبير عنها بأسلوب مقبول، وفي نهاية الأمر إن وجود الوالدين مع أطفالهم معنويا وملاطفتهم وممارسة الأنشطة الأسرية تجعل الطفل يشعر بالأمان والثقة، وبعدها ستصبح علاقته بوسائل التواصل مثل علاقته بعوامل أخرى ثانوية في حياته.