العدد 3525
السبت 09 يونيو 2018
banner
سؤال القرن (1)
السبت 09 يونيو 2018

في مقال رأي لها نشرته مؤخراً صحيفة “صنداي تلجراف” البريطانية، طرحت الكاتبة جانيت ديلي سؤالاً مهماً يتعلق بالأمن والاستقرار العالميين، وهو: كيف يمكن التعامل مع دولة مارقة تتحدى القانون الدولي وتنشر الدمار؟ السؤال جاء على خلفية انتهاكات إيران القانون الدولي، حيث ترى الكاتبة أن الدول الغربية عاجزة عن صياغة إجابة موحدة عن هذا السؤال الجوهري، وأن الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى لم يفعل شيئا لمعالجة مسألة “دعم إيران الإرهاب” في المنطقة والعالم، كما لم يفعل شيئا في الحد من تطوير الصواريخ الباليستية، التي يمكنها حمل رؤوس نووية، ويمكن لإيران صنعها بنص الاتفاق، وترى أن الجميع كان يعرف أن الاتفاق هدفه الأساسي مجرد كسب الوقت.

الحقيقة أن غياب التعاون والتفاهم الدولي يمثل أحد عوامل الأزمة في التعامل مع إيران، وعلينا أولاً تفكيك أسباب الوضع الراهن وفهمه؛ فإدارة الرئيس السابق أوباما اكتفت بالتعامل مع ظاهر نوايا النظام الإيراني وليس ما يخفيه، واكتفت كذلك بالتعامل مع تصريحات رموز النظام من الساسة من دون محاولة فهم آيديولوجية النظام ومحركات سياساته وأهدافه بعيدة المدى، لذا كان الاتفاق عبارة عن محاولة لتأجيل تهديد مؤكد لمدة عقد من الزمن، من أجل تحقيق هدفين أساسيين لم يكن لهما أفق من الواقعية، وهما تطوير استراتيجية الولايات المتحدة وحلفائها لتصبح بحلول عام 2025 في وضعية أقوى تمنع إيران من الحصول على القنبلة النووية بحسب ما ذكر المحلل نيال فرغيسون في صحيفة “صنداي تايمز”، والثاني هو تهيئة الفرصة لتفكيك النظام الإيراني وتفجيره من داخله عبر توقع افتراضي بأن انفتاح النظام سيعقبه إطلاق صراع أجيال حضاري يسفر عن تحلل هذا النظام البائد على غرار ما حدث في الاتحاد السوفيتي السابق، أو أن تثمر الخطة دعم التوجه الإصلاحي المزعوم داخل النظام وتقويته على حساب المتشددين، بما ينتج قيادة متصالحة مع الغرب تدفع البلاد نحو تغيير جذري، وكان هذا الافتراض بعيداً عن الواقعية تماماً لأنه يتجاهل توازنات القوى الحقيقية على الأرض داخل النظام، ويسلم مبدئياً بوجود فكرة عبثية هي فكرة الإصلاحيين والمتشددين داخل النظام الإيراني، كما يتجاهل طبيعة هذا النظام واستبداده ومركزيته الشديدة وأدوات القمع والسيطرة التي يمتلكها لإخضاع الشعب الإيراني.

كان أوباما يتوقع أن يميل النظام الإيراني إلى الرشد والعقلانية تحت تأثير المكاسب الاقتصادية من وراء الاتفاق، بما يؤدي إلى امتصاص التوترات والأزمات الإقليمية، ولكن الذي حدث هو تصاعد النزاعات المسلحة، لأن النظام حصل على نحو 150 مليار دولار لم ينفقها في تحسين الأحوال المعيشية والحد من الفقر والمرض في إيران، ولم ينفقها على إصلاح التعليم وتوفير فرص عمل لملايين الشباب الإيراني، بل ضخها في شرايين الميلشيات والأذرع الطائفية ليفجر العديد من الأزمات والصراعات بدول عدة بمنطقة الشرق الأوسط، وليتباهى باحتلال أربع عواصم عربية!. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .