+A
A-

شركة عقارية تطالب أخرى بإعادة عربونها رغم إخلالها ببنود العقد

قضت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) برفض دعوى أقامتها شركة عقارية لمطالبة شركة أخرى أن تدفع إليها مبلغ 50 ألف دينار، والذي دفعته للأخيرة لتتمكن من شراء عدد 9 أراضي تقع بمنطقة مقابة؛ وذلك لثبوت أن المدعية هي من تخلفت في سداد الثمن خلال المدة المتفق عليها واعترافها من خلال الخطابات المتداولة بين الطرفين، خصوصا عندما عرضت زيادة سعر القدم المربع على المدعى عليها، كما ألزمتها المحكمة بمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة.

وجاء في حكم المحكمة أن المدعية كانت قد أقامت دعواها أمام المحكمة، وقالت في لائحة الدعوى إنها اتفقت مع المدعى عليها على شراء عدد 9 قطع أراضي بمنطقة مقابة وسددت عنها مقدم تعاقد مبلغ 50000 دينار، وبناء على ذلك الاتفاق سددت المدعية كامل الثمن لعدد 5 أراضي، إلا أن المدعى عليها ماطلت في بيع الأربع قطع أراضي الباقية فأشعرتها المدعية بضرورة رد مبلغ المقدم المدفوع، إلا أنها لم تحرك ساكنا، مما حدا بالمدعية لإقامة الدعوى الماثلة للقضاء لها بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي لها مبلغ 50000 دينار والفوائد التأخيرية بواقع 10% من تاريخ الاستحقاق وحتى السداد التام مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات والأتعاب.

وتقدمت المدعية للمحكمة بصورة ضوئية من عرض شراء مؤرخ في 29 ديسمبر2015 مقدم من المدعية لعدد 9 قطع أراضي بسعر 26 دينار للقدم المربع وحال الموافقة يتم دفع 50 ألف دينار مقدم الثمن والمتبقي بعد 3 أسابيع من استلام المقدم، وصورة ضوئية من سند صرف مبلغ 50 ألف دينار للمدعى عليها، والإشعار المرسل من المدعية للمدعى عليها برد مقدم الثمن مؤرخ في 12 يوليو 2017.

من جهته تقدم وكيل المدعى عليها بمذكرة دفاعية، انتهى فيها إلى الطلب برفض الدعوى تأسيسا على أن المبلغ المدفوع هو عربون وأن المدعية هي من عدلت عن إتمام الشراء، وأرفق الخطاب الموجه من المدعية للمدعي عليها بطلب رد العربون ومثله مؤرخ 15 مايو 2017، وخطاب المدعية المتضمن اعتذارها عن إتمام عملية شراء باقي الأربع قطع أراضي المتفق عليها.

 

وبعد مداولة القضية قالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه وعن موضوع الدعوى ولما كان من المقرر قانونا بنص المادة (128) من القانون المدني أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز لأحدهما أن يستقل بنقضه أو تعديل أحكامه، إلا في حدود ما يسمح به الاتفاق أو يقضي به القانون.

كما أنه من المقرر بنص المادة (140) من ذات القانون سالف الإشارة أنه " أ) في العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يُوفِ أحد المتعاقدين بالتزامه عند حلول أجلِه، وبعد إعذارِه، جاز للمتعاقد الآخر أن يطلب من القاضي تنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى، وذلك ما لم يكن طالب الفسخ مقصرا بدوره في الوفاء بالتزاماته".

وأوضحت أن المادة (151) من ذات القانون نصت أيضا على أنه " أ) التصرف القانوني الصادر بالإرادة المنفردة لا ينشئ التزاما ولا يعدل في التزام قائم ولا ينهيه، إلا في الأحوال الخاصة التي ينص عليها القانون".

ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعية أقامتها بغية القضاء لها بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي لها مبلغ 50000 دينار قيمة مقدم الاتفاق على شراء 9 قطع أراضي وهو ما يتضمن وبطريق اللزوم حتى تقضي المحكمة برد ذلك المبلغ الحكم بفسخ العقد، ولما كان الثابت من لائحة الدعوى وما قدم من مستندات من الطرفين ومن بينها العرض المقدم من المدعية المؤرخ 29 ديسمبر2015 بشراء 9 قطع أراضي لقاء مبلغ 26 دينار للقدم المربع والذي يمثل إيجابا من المدعية على أن تدفع مبلغ 50000 دينار حال الموافقة عل العرض والباقي خلال 3 أسابيع من دفع المقدم.

وتابعت، وحيث أن ذلك الإيجاب قد لاقى قبولا من المدعى عليها  وفق الثابت من أقوال الطرفين ورصيد استلامها لمبلغ الـ 50000 دينار وسند صرف ذلك المبلغ للمدعى عليها من المدعية.

ولما كان الثابت بإقرار الطرفين أن ذلك العقد قد نفذ جزئيا بإكمال سداد قيمة خمس قطع أراضي من التسع المتفق عليها إلا أن المدعية لم تسدد باقي الثمن الخاص بالأربع أراضي الباقية مما حال دون استكمال تنفيذ باقي العقد وهو ما ثبت للمحكمة من خلال صور الخطابات التي تمت بين الطرفين المقدمة المرفقة بمذكرة المدعي عليها، والتي كان من بينها ذلك الكتاب الصادر من المدعية بتاريخ 18 يناير 2017، والتي أعربت فيه عن أسفها عن عدم تمكنها من إكمال تنفيذ العقد وطلبها تفهم الأسباب وإكمال التنفيذ، وكذا الخطاب الموجه من المدعى عليها للمدعية المؤرخ 14 يوليو 2017 والتي توضح فيه أسباب رفض استكمال تنفيذ التعاقد وأنه نتيجة الفترات الطويلة والفرص المتعددة التي منحتها للمدعية لاستكمال المعاملة إلا أن الأخيرة لم تلتزم وهو ما دفع بالمدعى عليها لرفض العرض الأخير المقدم من المدعية بتاريخ 18 يناير 2017 بشراء الأراضي المتبقية مع زيادة السعر إلى 27.5 دينار للقدم، وهو ما لم تطعن عليه المدعية بأية مطعن.

إلى ذلك استخلصت المحكمة من ذلك كله أن ما دفع من المدعية كان مقدما للتعاقد وليس عربونا وأن ذلك التعاقد قد نفذ جزئيا إلا أن المدعية قد أخلت بالتزاماتها التعاقدية حين تعاقست عن سداد باقي ثمن الأراضي المتفق على شرائها بعد سداد المقدم وإتمام شراء 5 قطع أراضي من أصل 9 قطع، ثم قامت المدعية وبعد مرور فترة زادت على السنة بتوجيه طلبها للمدعى عليها باستكمال الشراء مع رفع سعر الشراء من 26 إلى 27.5 دينار للقدم، وهو ما يعني عرض المدعية تعويضا اتفاقيا عن التأخير في التنفيذ يؤكد إخلالها في تنفيذ العقد، وعرضها لتلك الزيادة كتعويض عن ذلك الإخلال.

ولما كان ذلك وكانت الأوراق جاءت خلوا مما يفيد بوجود إخلال من جانب المدعى عليها في تنفيذ العقد، الأمر الذي يغدوا معه طلبه المدعية باسترداد مقدم العقد والمتضمن حتما طلب فسخه قد جاء على غير سند صحيح من الواقع والقانون الذي وضع شروطا بنص المادة (140) من القانون المدني، لفسخ العقد، كان من بينها ألاّ يكون طالب الفسخ مقصرا بدوره في الوفاء بالتزاماته، في حين أن الثابت للمحكمة وعلى نحو ما سلف بيانه أن المدعية هي المقصرة في تنفيذ التزاماتها، مما يحدوا بالمحكمة والحال كذلك للقضاء برفض الدعوى.