العدد 3536
الأربعاء 20 يونيو 2018
banner
نقطة أول السطر أحمد جمعة
أحمد جمعة
“بياع الهوى راح فين؟”
الأربعاء 20 يونيو 2018

بعض ولا أقول كل المسؤولين يدلون بتصريحات أكبر من حجمهم، بل يتمادون في إعطاء الشمس للمواطن بيده والقمر باليد الأخرى، ثم فجأة وكأن ساحرا مر ومسح من رأسهم تلك التصريحات ليدلوا بتصريحات أخرى لحست تصريحاتهم، وأعجب من هذه الذاكرة الصغيرة التي لا تحفظ ما تقول ولا تضمن ما تصرح به، بل لا تسكت وتنسى ما قالت بدل لحس الكلام السابق، لم يسبق لي طوال العقود الماضية قبل وخلال سنوات الطفرة التي مرت بها البحرين أن زخرت الساحة بتصريحات لمسؤولين بهذا الحجم وهذه الكثافة، ولم تمسك منها شيئا، ولم تأخذ منها حقا أو باطلا، بل لا أعرف بأي معهد تدريب أخذ هؤلاء المسؤولون دورات في التصريحات والتصريحات المضادة، وهنا سأقف فقط على موضوع واحد لضيق المساحة في شرح التفاصيل الأخرى للتصريحات المتناقضة التي تأكل بعضها، وأقترح وجود جهاز لتسجيل تصريح كل مسؤول ومواجهته به بعد فترة قصرت أم طالت ليس لإحراجه بل لوقف نزيف استهلاك نفسيات المواطنين وتدمير مشاعرهم لن أقول بالكذب، ولكن سأوعزها للنسيان!

قبل فترة تحدث البعض عن طفرة مرتقبة في مستوى الخدمات المتعلقة بالتسهيلات التجارية، وفتح الأبواب والنوافذ التشجيعية وحتى الدهاليز للنهوض بالحركة التجارية والاستثمار وإزالة العوائق وتذليل العراقيل، بل بلغ الأمر بتشجيع الجميع على الانخراط بالاستثمار والتجارة بعد أن تزال العوائق، ماذا حدث لهذه التصريحات التي خرجت من التجارة وسوق العمل وبقية الملحقات بها؟ لم يتغير شيء، بل ثمة تصريحات جاءت بعدها تؤكد موجة أخرى من التعقيدات.

قبل فترة صرح البعض بأن البحرين مقبلة على خير وفير وطفرة هائلة إثر اكتشافات نفطية هائلة غير مسبوقة وانتشرت التصريحات على لسان أكثر من مسؤول بل بعضهم وعد البحرينيين بالفردوس ليس اليوم بالطبع ولكن حددها بثلاث سنوات ويفترض المنطق هنا من الآن وحتى ثلاث سنوات أن تبدأ الدولة على الأقل تخفيف لهجة التصريحات المحبطة بالرسوم والضرائب والتجرؤ على الذين أفنوا أعمارهم في بناء الوطن وعدم شويهم على نار هادئة بزرع القلق والتوتر والضغط بهم، لكن ما جرى لُحِسَت تصريحات الأمس بفعل مزيل قوي المفعول وتبخر التفاؤل وعاد المواطن يتلمس ضوء الشمعة، والسؤال الآن منذ أن بدأنا مشروعنا السياسي حتى اليوم لم نشهد تلك الطفرة التي عشناها بمنتصف ونهاية القرن الماضي، والتي كانت فيها البحرين لؤلؤة الخليج وعروس الخليج ومركز الخليج ودانة الخليج بل المركز الاستراتيجي ليس في الخليج بل في الشرق الأوسط، وربما لم يعاصر هذا الجيل ذلك فيستغربون منه، لكن هذه حقيقة، فمن دون تصريحات كانت البحرين الأولى ومع سيل التصريحات اليوم تعلمون النتيجة. لا أملك سوى أن أردد أغنية “بياع الهوى راح فين؟”.

تنويرة:

الذين يفسرون أحلام الآخرين من يفسر أحلامهم؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .