العدد 3540
الأحد 24 يونيو 2018
banner
دروس من عملية “الحديدة” (2)
الأحد 24 يونيو 2018

الدرس الثالث للعملية يتمثل في كيفية استخدام القوة العسكرية المحسوبة وتوظيفها في خدمة السياسة، حيث كان الهدف الأساسي لعملية تحرير الحديدة هو فتح آفاق التسوية السياسية في ظل تعنت ميلشيات الحوثي بإيعاز من ملالي إيران وبغرض استنزاف قوات دول التحالف العربي، لذا فإن استخدام القوة الكفوءة بشكل محسوب ومدروس لتحريك العمل السياسي يقدم درساً مهماً في هذا الإطار، لأن تجميد الأوضاع في ظل سيطرة عصابات ومليشيات على مدن يقطنها مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء يعد مأساة إنسانية يصعب الصمت عليها، لاسيما إن كان هؤلاء السكان أشقاء وذوي قربي.

لذا، لاحظ العالم أن جهود المبعوث الدولي ضمت جنباً إلى جنب مع تصعيد محسوب لخطوات خطط العمل العسكري، ولم يكن هناك أي نوع من الاستعجال أو الارتباك، وأكد الدكتور أنور قرقاش ذلك في تصريح له بقوله “نقوم بهذا الضغط ليساعد أيضا المبعوث الأممي حالياً في فرصته الأخيرة لإقناع الحوثيين بالانسحاب غير المشروط من المدينة وتجنيب المدينة أية مواجهة”، وأضاف “إذا لم يتم ذلك فإننا مصممون على تحقيق أهدافنا”، إنها استراتيجية “الخطوة خطوة” التي مضت بتنسيق محسوب ودقيق بين الشقين السياسي والعسكري، مع مراعاة الظروف والأوضاع الميدانية على الأرض، إذ لابد أن تؤخذ هذه الأوضاع ضمن حسابات السياسة وشروط التفاوض.

هذا المعنى يؤكد أن العمل السياسي هو الأساس في ما يجري في الحديدة، فدول التحالف تدرك أنه لابد من حل سياسي في نهاية الأمر، وأن العمل العسكري ليس سوى وسيلة للوصول إلى السياسة، ولكن تعنت الحوثي يحول دون هذا الأمر، فكان لابد من حلحلة للوضع الذي تصور أنه دان له بالسيطرة على مقدرات الدولة اليمنية وأهم شرايينها الاقتصادية، فالسيطرة على الحديدة كانت تعني استمرار الشريان الرئيسي الذي يمد الميليشيا الانقلابية، وتهرب من خلاله الأسلحة والصواريخ الإيرانية التي تهدد بها الشعب اليمني ودول الجوار، كما يحصلون من خلالها على نحو عائدات استخدام الميناء التي توفر مورداً اقتصادياً يحتكرونه على حساب الشعب اليمني.

عملية تحرير مدينة الحديدة ستبقى نموذجاً مثالياً ملهماً في العمل العسكري المدروس الذي تعامل بكفاءة قتالية نادرة مع تحديات حروب القرن الحادي والعشرين، وبإذن الله ستمضي العملية وتنتهي بتحقق مجمل أهدافها وصولاً إلى تحرير صنعاء وكامل التراب اليمني من قبضة عملاء إيران، ليعيش الشعب اليمني الشقيق حياة يستحقها بعد طول معاناة مع هذا الكابوس المؤلم. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية