العدد 3541
الإثنين 25 يونيو 2018
banner
إطارات ناعمة على أسفلت خشن
الإثنين 25 يونيو 2018

حضرت قبل حوالي عامين ندوة في العاصمة السعودية الرياض عن مستقبل “السلفية”، نظمها مركز “أسبار”، فقام عضو مجلس أمة كويتي قائلاً (ما معناه) إن بإمكان حكومة خادم الحرمين نزع الكثير من الفتائل التي تستخدم ضد المملكة لتنتهي إلى الأبد، حتى لا تبقى هذه المواضيع قائمة لدى من يودّ الطعن في السعودية.

مسألة قيادة المرأة السعودية السيارة، لكثرة ما طرحت ولاكتها الألسن، صارت من “الكلاشيهات” التي تقترن بالأوضاع في المملكة إذا ما ورد الحديث عن المرأة هناك، وصارت القيادة هذه مقياساً يشار إليه سواء للحرية، أو التطوّر، أو الحقوق، أو ما تشاء من عناوين ويافطات، حتى يظنّ الظّانُّ بأن جميع الملفات سُوِّيت، والقضايا انتهت، ولم يبق بين التطور من عدمه سوى قيادة المرأة السعودية السيارة، وما إن يتناول البعض الشأن السعودي الداخلي بالنقد، حتى تطفو على السطح بضعة ملفات، أبرزها على الإطلاق “قيادة المرأة السعودية”.

ومع أن المرأة في الكثير من مناطق المملكة العربية السعودية، خصوصاً النائية منها، تقود السيارات، بل قالت فيها الأشعار أيضاً، وبعضهن شبّهت حرارة قلبها لبُعد الحبيب كحرارة محرّك الشيفروليه عندما يتعب من صعود الرمال، إذ تتمتع النسوة في تلك المناطق بحظّ أوفر من التسامح الاجتماعي المفتقد في المدن، إلا أن “معركة” قيادة المرأة السعودية السيارة مرّت بالكثير من المحطات، التي وصل بعضها إلى الافتعال، والمواجهات، كما حدث في 1991 بعد حرب تحرير الكويت، عندما نزل عشرات الآلاف من الجنود الأجانب في أراضي شبه الجزيرة العربية استعداداً للمعركة، ويحدث أن تقود مجنَّدة المركبة العسكرية ويجلس في الخلف الجنود مفتولو العضلات... هذه المسيرة التي تحوّلت إلى شبه معركة ما بين التيارات المختلفة في السعودية، ما بين الليبراليين والمحافظين في الأساس، وإذ الجانب الاجتماعي كان هو الأكثر حضوراً في هذه التجاذبات.

في العقود الأخيرة، كانت نقاشات حق المرأة في السعودية في القيادة تعلو وتهبط، وكانت الحجّة المخرسة للألسن أن المجتمع ليس مهيّئاً بعد لتقبل قيادتها، إلا أن الأمر الملكي الذي صدر في 27 سبتمبر 2017، بالسماح للمرأة السعودية بالقيادة، وللمرأة بشكل عام أيضا بقيادة السيارة داخل السعودية، أنهى هذا التردد، وأعطى مدة زمنية معقولة لتهيئة الأرضية الملائمة لتفعيل القرار، إذ ليس من السهولة مراقبة المجتمعات حتى تنضج، فما من أحد يمكنه تحديد هذا النضج، فلابد من خوض التجربة مباشرة ومراقبتها وتحسينها لتغدو المسألة طبيعية تماماً، وتنضج شيئاً فشيئاً، وحتى يُغلق هذا الملف لمرة أخيرة، وإلى الأبد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .