يبدو لي أن البحرين مقبلة قريبًا على دخول موسوعة “غينس” للأرقام القياسية على مستوى عدد المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة، قياسًا بالكثافة السكانية نفسها، الأمر الذي يقابله عزوف وصد وابتعاد عن الترشح لانتخابات المجالس البلدية، وكأن خدمة البحرين وأهلها محصورة على الأولى دون الثانية، وهو أمر يخالف الواقع؛ لأسباب متنوعة، يعي الناخب ساسها وأساسها.

وتغلب الدهشة والاستغراب على كثير من المواطنين هذه الأيام، مع تنامي أعداد المرشحين النيابيين الذين لا يعرف أحد عنهم شيئًا، ولم يسبق لعدد منهم أن قدم أي خدمات اجتماعية أو إنسانية، لا لأهالي المنطقة، ولا غيرهم، وبخطوة ترشح لا تتعدى نتائجها المتوقعة تشتيت الأصوات، وهدر الفرصة للمستحقين من خدمة أبناء بلدهم تحت قبة البرلمان.

وبعيدًا عن الأحقية الدستورية والقانونية لكل مواطن تنطبق عليه الشروط اللازمة للترشح، فإن الرقابة الذاتية يجب أن تكون حاضرة بداخله قبل أي شيء آخر، قبل حديث المواطنين، وقبل ما يكتبه الصحافيون وغيرهم، وأن يكون مواطنًا قبل أن يكون مرشحًا، مواطنًا ينظر لبلده، من كل زوايا الحب والاهتمام.

الناخب البحريني الذكي مدعو لأن ينظر للمرشحين على حد سواء، بنظرة متفحصة، عميقة، ساسها التاريخ الخدمي، والوطني، والأخلاقي، وكم الاهتمام الصادق في التواصل مع أبناء الدائرة واحترامهم، والسعي لخدمتهم، وأيضًا الأهلية السياسية والثقافية اللازمة؛ لأن الاتجاه بغير ذلك سيعيد عقارب الساعة للوراء مما سيؤلم الجميع، ويضفي المزيد من الوجع ليوميات ابن البلد.