العدد 3548
الإثنين 02 يوليو 2018
banner
أنا لا أفهم
الإثنين 02 يوليو 2018

ومن يدّعي الفهم عليه أن يراجع قدراته العقلية، فنحن في عصر اللايقين، عصر الشكوك والتشكيك حتى في أوضح الأمور وأكثرها رسوخاً عبر الزمان، وعدنا اليوم لننقضها وليدّعي البعض منّا أنها ليست كما اعتقدنا من التجذّر في وجداننا، أو أنها ليست كما كنا نعتقد أو نظن.

فلستُ أفهم هذا النكوص الشنيع عن القضية الفلسطينية برمّتها، ليس من جانب الأنظمة وحسب، فالأنظمة لها حساباتها، ولها أفرادها الخائفون على كراسيهم أن تتزعزع فيما لو لم يطيعوا من اختار أن ينهي هذه المناورات التعيسة التي تستغرق جهداً طويلاً، وتستنزف الوقت الكثير، ويذهب إلى ما استحى من هم قبله الذهاب إليه، وترددوا في إنجازه، فقام بضربه في مقتل لإنهاء الأمر، ولم تصدق الأنظمة العربية هذا التصرف، وكأن القضية الفلسطينية بصفقة القرن  “حصاة وزرّت عن طريق المسلمين”، همٌّ وانزاح عن صدورهم، ثقل وحطّ عن كواهلهم... وكانت الأنظمة قبلها قد جففت أسس التعاطف مع فلسطين وكل ما يتعلق بها، حتى مكاتب مقاطعة “إسرائيل” تم وأدها في غفلة، هذا أفهمه ولا أقبله، ولكن ما لا أفهمه هو هذا التدافع الشعبي والشعبوي لنبذ القضية بلا أي حياء، وبما لا ناقة لهم فيه ولا جمل، حيث لن يقاتلوا، ولن يساهموا، ولن يطعنوا، ولن يمنعوا طعنا، فما لهم يتسابقون لخلع قفاطين الحياء والستر والتعرّي في وضح النهار ليسمحوا للقطار أن يمرّ ويدهس كل ما تطاول بناؤه عبر هذه العقود والسنوات، ويُذهل الجميع كمّ التساقط المريع!

لستُ أفهم من أين تجيء التقارير المادحة في المؤسسات والوزارات والهيئات والشركات، بينما موظفوا هذه الجهات لا يرون فيها ما يقال فيها من أنها أكثر الشركات أداء، وأفضل الأسواق تنوعاً، وأكثر المصانع إنتاجاً... الخ، فهل يرى المانحون غير ما يرى المعايشون والمعاينون، أم لا يرون إلا الشيكات التي تشتري كل هذه الشهادات التي تغدو مع الزمن جزءاً من الكذبات الكبرى التي تنهار تباعاً في المنعطفات وساعات الحساب!

وأخيراً، لست أفهم هذا التواطؤ باعتماد التقارير المزورة، والأكاذيب الصارخة، وهم يعلمون أن القاصي والداني لا يصدّق هذه الأكاذيب، وأن بعض الجهات لديها طرائقها في معرفة الحقائق التي ما إن تُكشف حتى يعلو الصياح... ولك أن تضع ما تشاء من الوصوف. لستُ أفهم لماذا أكتب ما لن يغيّر في الواقع شيئاً!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .