العدد 3552
الجمعة 06 يوليو 2018
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
قراءة نقدية لخطاب وزير المالية
الجمعة 06 يوليو 2018

معالي وزير المالية، بداية نقدم لك الشكر على باقة ورد مشاعركم الشعبية، و”قطعة الحلوى” من “تساوي المواطنين في التقاعد من شورى ونواب ووزراء وبلديين” التي قدمتموها للمواطن بعد خروجكم من حفلة عرس قانون التقاعد الجديد، وعن كل الذين يغلفون الولادة القادمة بأثواب أحزاننا القديمة.

وما أجمل شعارك “لابد أن نكون المثل الأعلى في هذا الجانب والمواطن هو المواطن” شعارك يذكرني بمقولات نيتشه وفولتير وتولستوي ودافينشي وكل عباقرة المساواة في العالم، لكنه على مستوى الواقع يحكي وجعنا المثقوب بالسعال. وأنت تعلم معالي الوزير، أن شعارك الجميل مختلف عما هو في الصندوق !!

وبداية أتمنى ألا يضيق صدرك بنقاشي اليومي وأسئلتي المعلقة على حبال الأسئلة، فجلالة الملك حفظه الله أوصاكم في خطابه الأخير بالاستماع لآراء الكتاب، فأنا هنا أحاول جاهدا، إيصال أغلب هواجس البحرينيين التي قد لا تصلكم، أنزف لكم عبر الكلمات أوجاع كل بحريني موظفا أو مديرا، عاملا أو طبيبا، شابة أو عجوزا، من كل مدينة في البحرين؛ لإيماني أن هناك مستشارين قد لا يوصلون الصورة الحقيقية لنبض الشارع.

دعني معالي الوزير، أعلق الجرس في مدن الملح، معلنا أني أشم رائحة من نية، برفع سن التقاعد، وزيادة نسبة الاشتراكات، ونقل الرقابة البرلمانية على صناديق التقاعد للحكومة، وأتمنى أن أكون مخطئا، وإذا لم تطبق على المتقاعدين “الناجين” من غرق سفينة “تايتنك” القانون الجديد، فستكون على الجدد والقادمين!!

أنا كمراقب، ألتقي معكم في أشياء، واختلف في أشياء، التقي معكم أن هناك أزمة في الصناديق، واختلف في العلاج.

أولا: موقفكم في العلاج كمن يريد أن يقضي على نمر صغير، فيحرق كل الغابة أو كأب ثري عنده شركة يعمل بها عشرة من أبنائه، واحد يهدر يوميا مليون دينار، وبقية الأبناء دينارا واحدا. الأب - وهذا ينطبق عليك معالي الوزير- يتناسى الابن الكبير “الأذرع الاستثمارية والإدارات والمدراء” الذي يهدرون مليون يوميا وهو ماسك الأولاد التسعة الذين لا حول لهم ولا قوة.

معالي الوزير، ماذا تقصدون من عبارة لابد من “تطوير التشريعات التقاعدية التي تخدم المجتمع”، وما “المواد الجديدة التي ستضاف للقانون” لماذا لم تفصح عنها؟ يا معالي الوزير، رفع سن التقاعد سيعجل الشيخوخة، فالناس مصابة بالشيخوخة، وهم شباب بسبب الوضع الاقتصادي، وكم سيبقى من عمر المتقاعد إذا تقاعد وعمره 65؟ يقول علماء النفس “ابدأ بالإفصاح عما تريده من البداية، فهو أسلم للعقل الباطن”.

يا معالي الوزير، مع جنونية الأسعار، ورفع الدعم عن المحروقات، وغلاء المعيشة تحتاج رواتب المواطنين إلى فيتامينات زيادة، فهي لا تتحمل اقتطاع مزيد من رواتبها لصناديق التقاعد، فهناك عوائل بحرينية غير قادرة على شراء أثواب عيد لأولادها.

وهل تعلم معالي الوزير أن هناك كثيرا من العوائل، رواتبها غير كافية لاستكمال مؤنة شهر؟ لا عليك من وزير العمل، وأرقامه الملونة بالمكياج في الصحافة عن “نسب العاطلين” المغلفة بـ “عسلية” الأرقام، فهي غير دقيقة، وللاستهلاك الإعلامي، والوزارة بلا إستراتيجية، فهناك تكدس لعاطلين في البيوت من أطباء، ومهندسين، ومحامين ومعلمين، يقوم بالصرف عليهم أبوتهم كبار السن.

معالي الوزير، أنت تقسو على نفسك، ومن معك في اللجنة، بهذه التصاريحات، وأنتم جميعا مدينون للناس بالوقوف معهم في عدم تغيير القانون القديم أو ما يتعلق بمواد مهمة من نسبة الاشتراكات أو رفع سن التقاعد أو المكافآت والامتيازات، وبقاء سلطة البرلمان.

يا معالي الوزير، المتقاعدون واعون “لقطع الحلوى” الموزعة في التصريحات، لكنها بلا سكر؛ لأن العبرة بالعمل، والنتائج وعدم اللمس بكل الامتيازات، وللأسف هي مجرد حبة في سلسلة طويلة.

وأقول وإذا لم تمس المواد هنا يكون عيد الميلاد، ونفرح جميعا مع عبدالمجيد عبدالله “غنوا لحبيبي وقدموا له التهاني في عيد ميلاده عساها مية عام، افرح حبيبي واطلب الله الأماني، الليلة “متقاعد تناديه الأحلام”.

قانون التقاعد الجديد أشبه بمن يريد الناس أن تركض قبل أن تمشي، تصريحات المؤتمر الصحافي “فاستفودية” مقتضبة وتتهرب من بقية أمراض الهيئة، لم تشبع لا الصحافيين ولا الناس ولا تصلح حتى لـ “تيك أوى”، وهو مخالف لشعار الشفافية التي طرحه الوزير، إجابات سريعة مقتضبة وتهرب عن أي أسئلة تتعلق بالأعراض الطافحة على جلد الهيئة من فساد، وتعثر، وشطب... إلخ.

يقول الوزير “هدف اللجنة استمرارية الصندوق على مدى الحياة “، وهنا أقول للوزير: هل تعتقد أن هناك بحرينيا لا يريد استمرارية الصندوق؟ بالطبع كلنا نريد، ولذلك بقي البحريني منذ عقود إلى 2018 وهو مستميت في الدفع من راتبه لاجل استمرارية الصناديق، ولكن يا معالي الوزير، السؤال هو: من الذي أخل بالحفاظ على الصندوق، وأمواله؟ فاذا كان صندوق التقاعد كطاولة تقوم على أربعة أرجل، إحدى هذي الأرجل القانون الذي يراد تغييره “للحفاظ على استدامة الصناديق” السؤال: لماذا لا يتم أيضا الحديث عن بقية الأرجل، والتي تعتبر أساس المشكلة، أولها: الأذرع الاستثمارية التي تكلست، والذراع الثالث: مجلس الإدارة، والذي لم يحاسب، والذراع الرابع: الجهاز الإداري.

يا معالي الوزير والنواب: أنتم اقتصاديون ومتشرعة، فلماذا لا توقفوا الوزير وتناقشوه، كما يركز على فزاعة “القانون” للعلاج لابد يتم التركيز على كل العلاج والتطرق للأرجل الثلاث للطاولة؟ إذا عندك شخص مصاب بحادث خطير، فلا يمكن تصر على علاج فقط جزء من الجسد، وتهمل بقية الجسد وتتعمد عدم التطرق اليهم!! وكي يستمر العلاج أتمنى على الوزير علاج مأساة أخرى حدثت لأموال التقاعد: فما ردك معالي الوزير، لـ 4 ملاين دينار التي شطبتها الهيئة من استثماراتها في الأسهم الخاصة المستثمرة في بنك انفستكورب؟ هل ستجيب في الموتمر؟ ثانيا معالي الوزير، هل تعلم، وأنت ترفع شعار “الحفاظ على استدامة الصناديق “ عما يحدث داخل الهيئة؟ 6 ملايين دينار صرفت لتقاعد 160 موظفا، وبعض رواتب المسؤولين والموظفين قفزت بصورة جنونية، ووصلت 4500 دينار؟ هل تعلم عما تقوم به إدارة الهيئة من مخالفات في الترقيات والتوظيفات من مخالفات قانونية؟ وعن صفقة العمر الساحرة بين بعض مدراء الهيئة والإدارة، وكلها من فلوس الناس!!!

هل تعلم عما يجري داخل الهيئة التي تشرف عليها؟ ركز على الأرجل الأربع للطاولة مع الإخوة المجتمعين، وليس رجلا واحدة!!!

معالي الوزير، إن كنت لا تعلم، فتلك مصيبة، وإن كنت تعلم، فالمصيبة أعظم، الهيئة مصابة بشيخوخة، وترهل ومليئة بالثقوب والشقوق، وغير مواكبة لطموح مشروعنا الإصلاحي الكبير مع الأسف الشديد.

ختاما، لا يجوز رفع سن التقاعد أو زيادة النسبة أو تغيير مكافأة نهاية الخدمة أو صلاحية البرلمان، فهي أقل الحقوق لأناس يحلمون بتقاعد كريم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية