العدد 3552
الجمعة 06 يوليو 2018
banner
إسرائيل وإيران... والأسد (1)
الجمعة 06 يوليو 2018

التوضيح الوحيد الذي يستحق الاعتبار والتقدير في كلام وزارة الخارجية الإسرائيلية الذي نشرته صحيفة “هآرتس”، هو ذلك القائل إن رئيس سوريا السابق بشّار الأسد “أصبح” حليفاً وشريكاً استراتيجياً جديداً لإسرائيل. والتوضيح المطلوب شكلي يتعلق باللغة، وجوهري يتعلق بالوظيفة، وهذا يعني أنه بدلاً من القول إن الأسد “أصبح حليفاً وشريكاً استراتيجياً”، يجب القول إنه “كان ولا يزال وباقٍ” حيث هو لأنه حليف وشريك استراتيجي لإسرائيل، لا صنو له ولا مثيل.

لم يرتكب باراك أوباما “سياسته” إزاء النكبة السورية لأنه أراد فقط عدم إزعاج المفاوض الإيراني في الملف النووي، بل لأنه اعتمد الاستراتيجيات الدائمة في الإدارة الأميركية التي تضع العلاقة مع إسرائيل في باب “المقدّسات” والثوابت الأكبر والأهم والأعمق من حسابات الربح والخسارة والمصالح وموازين العلاقات الدولية المألوفة، ويكفي لتفسير هذه الظاهرة استعراض المعادلة القائلة إن واشنطن تؤثر وتقدم وتفضّل علاقتها بنحو عشرة ملايين إسرائيلي على علاقتها بنحو مليار و300 مليون مسلم! مثلما يكفي لذلك التفسير الانتباه إلى أن العالم القديم تحطّم بانتهاء الحرب الباردة وزوال الاتحاد السوفياتي وكل منظومته في أوروبا الشرقية، لكن بقيت إسرائيل في مكانها الجغرافي و”الأميركي”! وبقيت أولويتها رغم تعدّل دورها الذي قيل فيه إبّان مرحلة الاستقطاب الثنائي الدولي ذاك، إنه جعل الدولة العبرية حاملة طائرات أميركية متقدمة في خريطة النزاع المعولم مع السوفيات ومثالهم الشمولي!

ولم يرتكب الزعيم الروسي فلاديمير بوتين بدوره ومن جهته، سياسته السورية فقط لأنه مهووس بـ “الحرب على الإرهاب”! أو لأنه حريص على قواعده التاريخية على ضفاف البحر المتوسط! أو لأنه وَجَد في بشار الأسد “بديلاً” عن انكسار الخريطة وتبخّر “الرّفاق” آسيوياً وأوروبياً! أو لأنه رأى في المسرح السوري باباً لـِ “الرّد” على العقوبات التي ضربته جرّاء ضم القرم والتدخل في شرق أوكرانيا... أخذ ذلك كله في الحسبان مبدئياً ومن دون شك، لكنه في الأساس وضع في الكفة الموازية، (إن لم يكن الأكثر ثقلاً!)، الضرورات التي تفرضها العلاقات الاستراتيجية مع إسرائيل! وأهمية الالتزام بعدم “تعريضها للخطر”! وعدم المسّ بـ “استقرارها”!

لذلك يمكن بسهولة الافتراض، بأنّ سوريا نقطة تقاطع وليس افتراق، بين واشنطن وموسكو تبعاً لكون إسرائيل نقطة جذب مركزية مزدوجة للعاصمتين، ولهذا، غيّر دونالد ترامب جلّ السياسات الداخلية والخارجية التي اعتمدها سلفه السيّئ الذكر أوباما، لكنه التزم حرفياً تقريباً، بما يتعلق منها بسوريا! وهو في هذا لن يجد صعوبة في موضوع اسمه “نكبة سوريا” خلال قمّته المُرتقبة مع بوتين منتصف الشهر الجاري! بل ربما يأخذ “النقاش” (وليس التفاوض!) في شأن إيران بعض الوقت لكن من باب “الكيفية الأسلم” لمعالجة تدخلاتها ودورها ونفوذها وليس من باب التعارض إزاء هذه المعطيات!. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية