+A
A-

لماذا يتراجع الاستثمار الأجنبي في مصر رغم الإصلاحات؟

صدمة كبيرة تسببت فيها الأرقام التي أعلنها البنك المركزي المصري عن الاستثمار الأجنبي المباشر في الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2017/2018 نظرا لتراجعه بنسبة 8.3% مقارنة بنفس الفترة من عام 2016-2017.

فالتوقعات كانت تشير إلى زيادة الاستثمارات في ضوء برنامج الاصلاح الاقتصادي والذي بدأ بتعويم الجنيه إضافة إلى إنجاز قانون جديد للاستثمار وآخر لتسهيل الحصول على التراخيص الصناعية وثالثا للإفلاس.

كما طورت الحكومة مراكز خدمة المستثمرين من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وأصدرت خريطة بالفرص الاستثمارية في مصر.

وقد دفعت هذه الأرقام صندوق النقد الدولي إلى خفض توقعاته لصافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي الحالي للمرة الثانية إلى 9.5 مليار دولار مقابل 9.9 مليار دولار، في تقرير المراجعة الثانية للصندوق عن أداء الاقتصاد المصري والصادر في يناير الماضي.

وكان الصندوق خفض توقعاته لصافي الاستثمار الأجنبي المباشر في العام الجاري في تقرير المراجعة الثانية إلى 9.9 مليار دولار مقابل 10.2 مليار دولار خلال تقرير المراجعة الأولى الذي صدر في سبتمبر 2017.

كما خفض الصندوق تقديراته لصافي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي المنتهي للمرة الثانية إلى 7.8 مليار دولار مقابل 8.4 مليار دولار كان يتوقعها في تقرير المراجعة الثانية، ومقابل 9.4 مليار دولار في تقرير المراجعة الأولى.

ويبعد التوقع الأخير للصندوق عن توقعات الحكومة بجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة صافية تبلغ 10 مليارات دولار خلال العام المالي الماضي.

لكن الصورة يجب أن تكتمل بالنظر إلى تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة العربية، حيث بلغت 28.7 مليار دولار عام 2017 متراجعة بنسبة 11.5% في مقابل 32.4 مليار عام 2016 على الرغم من استمرار التحسن الطفيف في جاذبية مجموعة الدول العربية في مؤشر ضمان جاذبية الاستثمار لهذه السنة مقارنة بمؤشر العام السابق.

وأوضح التقرير أن الاستثمارات الواردة إلى الدول العربية مثلت 2% من العالمي الإجمالي البالغ 1430 مليار دولار عام 2017 مع ملاحظة تواصل تركز الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد فـي عدد محدود من الدول العربية خلال 2017، إذ استحوذت كل من الإمارات ومصر على نحو 62% من الإجمالي.

وفي هذا السياق، ترى رئيس قسم البحوث بشركة فاروس القابضة رضوى السويفي أن الاستثمارات المباشرة تظهر بعد ارتفاع معدلات النمو وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، مشيرة إلى أن الاستثمارت حاليا تتمثل في التنقيب عن البترول والغار الطبيعي، وتسعى الدولة لجذب استثمارات أخرى خارج هذا القطاع.

وتؤكد أن إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها مصر ستؤدي إلى تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر على المدى الطويل، متوقعة أن تنمو الاستثمارات المباشرة بين 20 و30% خلال عام 2019.

من جهته، يعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ومستشار صندوق النقد سابقا الدكتور فخري الفقي، أن مصر قامت بإصلاحات هامة خلال السنوات السابقة ستؤتي ثمارها فيما يتعلق بجذب الاستثمارات الأجنبية قريبا، لأن الاستثمار الأجنبي يأتي بعد انتهاء الإصلاحات وحدوث الاستقرار الاقتصادي وهو ما حققته البلاد بالفعل.

وأوضح أن هناك تراجعا بشكل عام في الاستثمارات القادمة للمنطقة، وهذا يرجع بشكل رئيسي إلى حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني، ولكن الفرص الجيدة ستتغلب على هذه المخاوف، وهو ما سنراه قريبا في مصر حيث تشير التوقعات إلى أن تشهد مصر نموا كبيرا في الاستثمارات اعتبارا من العام المقبل 2019.